الأحزاب والتَّحديث الاقتصادي ما بين الطرح والتنفيذ
دعونا نقول بأنَّ السياسة والاقتصاد توأمان، جلالة الملك عبد الله الثاني-حفظه الله ورعاه- قائم بأعمل الشأن السياسي والدبلوماسي الخارجي على أكمل وجه وأفضل وجه، والذي يُريد التَّأكُّد عليه مقارنة لقاء زيلينسكي رئيس أوكرانيا وترامب ومخرجات اللقاء، ولقاء الملك عبد الله الثاني وترامب ومخرجات هذا اللقاء، ويُقارن، وللعلم بريطانيا والدول الأوروبية تعمل مثل ما عمل الملك عبد الله الثاني في جعل ملف غزة ليسَ فقط في حضن مصر أو الأردن بل بأحضان الدول العربية ومن أهم المهام، بريطانيا والدول الأوروبية تسعى لفعل ما فعله الملك عبد الله الثاني بشأن ما يخص دولة أوكرانيا، فالملك عبد الله الثاني قائم بأعماله خارجيًّا بأكمل وجه وبخطى ثابتة متزنة.
لكن لنُلقي نظرة على الأحزاب وماذا فعلت إلى الآن في مجلس النواب وعلى أرض الواقع، هل الأحزاب أعطتْ وطرحتْ على الحكومة حلول وأفكار اقتصادية بجدية تلامس الواقعية الاقتصادية المترهلة في هذهِ البلاد!؟
فالأحزاب مُغيَّبة عن الواقعِ فلم تُقدم حلولًا اقتصاديَّة للحكومةِ، ربَّما كان حزب نماء الَّذي قدَّم نفسه كحزبٍ اقتصاديٍّ في المؤتمر التأسيسي للحزب وطرح على الحكومة فكرة "محلية التنمية" التي تُخرج الأردن من الفقر والبطالة وتساعد على تكافؤ الفرص ونشر التنمية في كل قرية من قرى المحافظات؛ لكن هل تمَّ تجسيد فكرة حزب نماء على أرض الواقع؟ هل الحكومة استمعتْ لمشروع الحزب الاقتصادي؛ ولكن بنفس الوقت لم نجد للحزب بصمة عملية حتى الآن، فالأحزاب والحكومة حلقة مشتركة متصلة ببعضهما بعضًا، فالمشروع الاقتصادي الذي يعمل على نهضة البلد لم تقدمه الأحزاب ولا عمِلت به بشكل خاص وصريح. إنَّ الحكومة يجب أن تتحاور مع الأحزاب في كافة الشؤون وبخاصة الاقتصادية، حتى يتم تفعيل دور الأحزاب على المستوى المحلي، ويكون الحوار بنَّاء وفعَّال للوصول إلى حلول وأفكار اقتصادية تنتج اقتصاد مريح للحكومة وللمواطن ويتم الخروج من هذا الغرق.
ٌ
فقد كان للأحزابِ نشاطٌ سياسيٌّ ضدَّ مشروعِ التَّهجيرِ الَّذي أساسًا رفضهُ الملك عبد الله الثاني جملةً وتفيصلًا، وكانتْ الأحزاب نشيطة في هذا الجانب؛ لكن نريد حلول في الداخل المحلي، ونريد من الحكومة مطبخ اقتصادي يشارك فيه الأحزاب لتقديم حلول إلى الحكومة فالطبخ الاقتصادي بالأردن فارغ من الحلول والأفكار والإنتاج، السياسة والاقتصاد توأمان فمتى ما كنا ضعفاء سياسيًّا سينعكس ذلك على المنظومة الاقتصادية في الأردن. فدور الأحزاب ما زال هامشيًّا ربما نرى اجتماعات فردية كل حزب على حِدة لترتيب أوضاع الحزب الداخلية؛ لكن نُريد اجتماعات على مستوى الأحزاب لمناقشة الهم الوطني وتلامس الحس الداخلي والضعف الاقتصادي الذي سيهوي بنا إلى القاع إذا لم نتدارك الأمر.
ربما نحتاج مطبخ اقتصادي يتكون من رجالات خبيرة من القطاع العام المتمثل في الحكومة، والقطاع الخاص والأحزاب وخاصة الأحزاب التي لديها برامج اقتصادية ممكن مشاركتها وتطبيقها من قبل الحكومة.
فقد يكفي أنْ تكون الحكومة عالةً على المواطن، فالمواطن يدفع للحكومةِ ضرائب ويتحمَّلُ معدلات التَّضخم العالية ويدفع ثمن سياسات الحكومات المُتخبِّطة، فالمواطن ضحيَّة والحكومة لا تمتلك خططًا واضحةً، وأصبحنا نمشي بلا اتجاهًا واضحًا للاقتصادِ، فمواقفنا السياسيَّة والدبلوماسيَّة واضحة بقيادة الملك؛ لكن مطبخنا الاقتصادي فارغ من الحلول والخبراء الاقتصاديين، فالأردنيين لديهم الكثير ليقدموه للدولة؛ لكن الدولة لا تستعين بهم ويقتصر دورهم نظريًّا للأسف في الجامعات والغرف الصفية.
الدولُ المتقدمة نهضتْ حين حاربتْ الفساد، واستعانتْ بخبراء الاقتصاد من الجامعات ومعاهد الدراسات والأبحاث؛ لكن في الأردن الخبراء في وادٍ والحكومة في وادٍ آخرٍ، يوجد ما يقارب مئات الخبراء من الاقتصاديين في الأردن لم نرَ أيَّ دورٍ لهم خارج إطار الدراسات النَّظريَّة التي أصبحتْ مطويَّة على الرُّفوف يتم عملها لأغراضٍ ليستْ على المستوى الوطنيِّ بقدرِ ما هي للأغراضِ الشخصية والترقيات والتنفيعات الخاصة، خُبراء الاقتصاد قد هرموا في أماكنهم ولا أحد يستفيد منهم، هناك خبراء في الجامعات في الأحزاب في مؤسسات الدولة، يستطيع الأردن عمل مطبخ اقتصادي يَلمِسُ فيه المواطن حلول تنعكس على واقعه الاقتصادي المتعب، فرؤية جلالة الملك عبد الله الثاني-حفظه الله ورعاه- للتَّحديثات الاقتصاديَّة والسياسيَّة والإداريَّة أتت لغربلة الترهل والتَّحسين من خلال رفعة وكفاءة المملكة الأردنية الهاشمية في التحديثات الثلاث، وتطوير المملكة إلى كل ما هو أفضل لها.








