مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: مواقف الملك تمدنا بالقوة والعزيمة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

حوار: حمزة العكايلة 

عندما يتحدث الملك نتزود بالقوة، ونشعر بالفخر لحديثه في المحافل الدولية، فصوته مؤثر ومسموع في المجتمع الدولي. بهذه الكلمات بدأ مندوب فلسطين في الأمم المتحدة الدكتور رياض منصور حواره مع «الدستور»، متناولاً جملة من الملفات التي يرى فيها الدبلوماسي أولوية لنجاح مهمته على صعوبتها، لانتزاع الحق الفلسطيني على سكة الدرب الطويل في مواجهة دولة الاحتلال.
«الدستور» حاورت الدكتور منصور، عقب جلسة حوارية مع عدد من الزملاء الكتاب والصحفيين في عمّان، فتحدث مطولاً عن الموقف الأردني وصلابة وثبات جلالة الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن عدالة الحق الفلسطيني، قائلاً: إن الموقف الأردني لا يحتاج لأدلة وليس موضع نقاش، ولن ننسى قوافل الإمداد الإغاثية لقطاع غزة المنكوب.
وأضاف: أقول بصراحة إن جلالة الملك عندما يتحدث في المحافل الدولية يمدنا بالقوة والعزيمة، فصوته ورأيه وحجته مسموعة ومؤثرة في المجتمع الدولي، وأنا أصغي باهتمام شديد لكلماته ومواقفه، وعندما يزور نيويورك، وفي الولايات المتحدة وفي الإعلام العالمي، أزداد كل يوم إعجاباً بمواقفه التي ألمس معها الأثر الكبير في المجتمع الغربي.
ويتابع منصور: القضية الفلسطينية تحتاج مزيداً من التحشيد الإعلامي ولا تزال المهمة الرئيسية في المحافل الدولية تتجسد بالضغط لوقف الحرب، فالناس في غزة تئن من الألم والوجع، وهذه الحرب هي الأقسى والأكثر وحشية في تاريخ الصراع مع المحتل.
وبعين من التفاؤل والتصالح يذهب منصور للقول إن وحدة الصف الفلسطيني تقوي ساعد المفاوض الفلسطيني، وعلينا أن نعول على الأوربيين الذين ما زالوا يحترمون القانون الدولي الذي صاغوه، وعلينا الإدراك مع بقية الأطراف في المعادلة الدولية أن العمال الدبلوماسي مشابه للحرب أيضاً فهو كرٌ وفر، ولا يجب أن نستسلم أمام حالة الانحياز من بعض القوى الدولية لإسرائيل.
وحول مستقبل «الأونروا»، يقول منصور: القضاء على «الأونروا» وإنهاء عملها ليس بالسهولة التي تفكر بها إسرائيل، وهناك شبه إجماع دولي على استمرارية عملها، ومهمتنا اليوم الحفاظ عليها وعلى الصبغة التي نشأت وفقها على أسس من قرارات الشرعية الدولية.
وفي خطوة يدرك معها الدكتور منصور أنها تصفية حسابات، تذرع الاحتلال بأن الأسباب الأمنية هي الحائل دون دخوله إلى بلده، وحضور اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي ترأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله الأسبوع الماضي، ويقول «عدتُ إلى عمّان وحضرت الاجتماع عبر تطبيق زووم».
ولدى الحديث عن المخفي والصعب في العمل الدبلوماسي، يعرف الدكتور منصور جيدا موازين القوى وطبيعة التحالفات الدولية والانحياز والازدواجية التي تغلب الكثير من المواقف والقرارات، لكنه كمن يمشي على رؤوس الأفاعي مغلباً خبرته ودبلوماسيته لانتزاع أي موقف مها صغر بنظر البعض فهو يراه تراكمياً يصب في خزان الدعم لعدالة القضية الفلسطينية، ولذا يخاطب ممثلي الدول من فاتحة ميثاق الأمم المتحدة وكثيراً ما يذكرهم به ويستحثهم على استذكار معانيه وهو الذي يقول «نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب».
ويقول منصور: لا يمكن أن نقبل بطروحات نتنياهو بتهجير الغزيين. ونقدر هنا الموقف الأردني والمصري الثابت في رفض هذا الأمر. وإلى الذين قالوا إن غزة غير قابلة للسكن ومنكوبة، فقد أجابهم شعبنا بعودة نحو 500 ألف من جنوب قطاع غزة إلى شماله سيراً على الأقدام ليعودوا إلى ركام وكأنما يقولون للعالم نحن الفلسطينيين نحب وطننا وإن كان ركاماً وسوف نبني بلدنا ونتخلص من الاحتلال. واستذكاراً لبكائه حين غلبه الدمع في جلسة لمجلس الأمن وفي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يقول منصور: عندما تتكلم عن مصيبة الشعب الفلسطيني والعدد الهائل من الأطفال والنساء والأبرياء والمدنيين وهم يقتلون بهذا الشكل الهمجي والبشع في إبادة جماعية، فإن الدمع يغلبك قهراً وألماً على أبناء شعبك.
وفي تعليقه على قرار المجلس المركزي الفلسطيني بعدم ارتباط قرار الحرب والسلم بفصيل دون غيره، قال منصور: هذا شيء منطقي، لكل مكونات منظمة التحرير الفلسطينية، سواء من الأعضاء الحاليين أو الذين نتمنى أن ينضموا إليها. فعندما تُتخذ قرارات تهم الشعب الفلسطيني بأسره، يجب أن تكون جماعية، وأتمنى أن يكون هذا واقعاً من أجل وحدة الصف الفلسطيني.
ويتابع السفير منصور بالقول: أمضي بمساري في موقعي في الأمم المتحدة ممثلاً لكل الشعب الفلسطيني بقيادة الرئيس محمود عباس وهمي ليلاً ونهاراً أن نحقن دماء شعبنا وأن تدخل المساعدات بشكل سريع، وأن يتم وقف الحرب لنبدأ بمرحلة إعادة الإعمار التي قدمتها مصر وأقرتها القمة العربية وتبناها الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي ولاقت تأييداً أوروبياً واسعاً عبر بيان واضح من الاتحاد الأوروبي. ويقول منصور: بعد ذلك من المهم التقدم نحو مؤتمر تمويل إعادة الإعمار الذي تستضيفه مصر، ومن ثم التقدم للمؤتمر الدولي الذي دعت له السعودية وفرنسا الشهر المقبل، ونعول أيضاً على زيارة ترامب إلى السعودية، لنذهب بخطى ثابتة إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين على الأرض وتطبيق حل الدولتين.
ويؤكد: زيارة ترامب مهمة، وأعتقد أنها تأتي في ظل جهود كبيرة لإعادة وقف إطلاق النار وربما يتم التوصل لذلك في وقت قريب وإدخال المساعدات لغزة.
ويستدرك السفير منصور بالحديث عن المؤتمر السعودي الفرنسي المشترك، قائلاً: نتطلع أن يكون مؤتمراً عملياً وهو يحتاج إلى جلسات عمل ولجان تقدم خطوات تفضي إلى إنهاء الاحتلال والسير بخطوات قوية نحو حل الدولتين، وعلينا في هذا الإطار مواجهة العراقيل التي ستقوم بها إسرائيل، فنتنياهو يدرك أن الحديث عن إعادة الإعمار وفتح الباب أمام إرادة دولية فاعلة لحل الدولتين، يعني أن العالم لا يريد العودة إلى ما قبل 7 أكتوبر، عبر إنهاء الاحتلال واستقلال دولة فلسطين وعودة اللاجئين.
ويقول السفير منصور: من يريد السلام ووقف إراقة الدماء، ومن يريد الحفاظ على سلامة المدنيين يجب عليه الذهاب الى حل الدولتين، ومن يعتقد أن الحل بذبح الشعب الفلسطيني وتهجيره، فلن يستطيع ذلك، فالشعب الفلسطيني منغرس بأرضه، ولذلك فإن نتنياهو يريد إعادة الوضع للمربع الأول، وعلينا هنا تكثيف الجهد مع الولايات المتحدة وقطر ومصر من أجل العودة لوقف إطلاق النار والبدء بمرحلة إعادة الإعمار.
ورداً على تساؤلات كُتاب وصحفيين خول أسباب السابع من أكتوبر ومن يقف وراءها ومن اتخذ القرار وفيما إذا كان وراءها قوى إقليمية، يقول السفير منصور إن مهمتنا اليوم وقف الحرب وليس تحديد أسباب السابع من أكتوبر، وعلينا أن نبذل كل جهد لإنقاذ أرواح الفلسطينيين وبعدها يأتي التحليل، ولننظر كيف يفكر المحتل.
وبخصوص المواقف العربية في الأمم المتحدة، وفيما إذا كانت هناك برامج فرعية أو تحت الطاولة، يقول السفير منصور: لا يوجد خلاف بين العرب في الأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية، وهنالك وحدة صف قوية بيننا، وقد لمستُ ذلك في آخر 15 عاماً، كانت مواقف الجميع متقدمة، ولا يوجد تباين أو اختلاف بيننا، والكل يصوت مع القرارات التي تصب في صالح القضية الفلسطينية.
وحول أولوية الداخل الفلسطيني، تحدث الدكتور منصور بدبلوماسيته العالية عن المتاح والممكن والواجب، قائلاً إن مداره هو الأمم المتحدة، والقيادة الفلسطينية في الداخل برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس قادرة على تحديد الأولويات، لكنه يستدرك بالقول إن وحدة صفنا الوطني هي الأهم لمواجهة التهديدات والأخطار الحالية والمستقبلية. ويصل منصور إلى خلاصة مفادها أولوية تحقيق ثلاثة أهداف في المرحلة الحالية: وقف الحرب، وإدخال المساعدات العاجلة للقطاع المنكوب والتصدي للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ورفض التهجير القسري وسواه للشعب الفلسطيني، قائلاً: لا يوجد لنا وطن غير فلسطين، وغزة جزء أصيل من هذا الوطن، وهذا يجب أن يشكل بوصلتنا، فما يجري في غزة وفلسطين اليوم من أصعب المحطات التي تمر بها القضية الفلسطينية.

الدستور

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences