وفاة «قاضي الإعدامات» يُشعل موجة جدل جديدة في مصر

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

اندلعت موجة جديدة من الجدل الواسع في مصر والعالم العربي على شبكات التواصل الاجتماعي بسب وفاة القاضي الشهير في محكمة الجنايات شعبان الشامي، والذي اشتهر باسم «قاضي الإعدامات»، وذلك بعد أن أصدر عدداً كبيراً من أحكام الإعدام ضد عدد من الشباب المصريين، وقادة الإخوان المسلمين بمن فيهم الرئيس السابق محمد مرسي الذي توفي داخل السجن قبل أن يتم تنفيذ حُكم الإعدام بحقه.

وتوفي القاضي المصري شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، يوم الأحد 11 أيار/مايو، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 72 عاماً، بعد مسيرة قضائية شهدت محاكمات كبيرة ومثيرة للرأي العام، منها محاكمة الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها الحكومة المصرية جماعة إرهابية.
وسرعان ما تحول الشامي إلى صدارة الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي، وأصبح اسمه من بين الوسوم الأكثر تداولاً على شبكات التواصل، كما انتشر الوسم «#قاضي_الإعدامات» على شبكة «إكس» وسارع الكثيرون إلى التعليق على وفاة المستشار الذي أمر بإعدام عدد كبير من النشطاء الشباب في مصر.
وكتب الأكاديمي الموريتاني الدكتور محمد المختار الشنقيطي معلقاً على وفاة الشامي: «مات قاضي الإعدامات وبدأت محكمة لا استئناف فيها ولا تعقيب، بل هي عدل ناجز: (والله يحكم لا معقِّب لحكمه وهو سريع الحساب). قال الزمخشري إن الآية: (فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) إيذانٌ بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة وأنه من أجلّ النِّعم.. اللهم إني حامد لنعمائك».
وبالتزامن مع وفاة القاضي الشامي أعاد نشطاء تداول كلمة وجهها القيادي في جماعة الإخوان محمد البلتاجي للقضاة في المحكمة أثناء إحدى جلسات محاكمته، حيث يقول موجهاً كلامه للشامي: «حتى نقيم الحجة الكاملة عليكم أمام الله، لنعرف من كان في صف الحق ومن كان في صف الباطل».
أما الكاتب الصحافي قطب العربي فنشر على صفحته على «فيسبوك» مقطعي فيديو، أحدهما لجنازة المستشار الشامي، والآخر لتشييع الشاب محمود الأحمدي الذي تم تنفيذ حكم الإعدام بحقه، وكتب معلقاً: «الجنائز تمثل استفتاء شعبياً على الشخص بعد وفاته (خاصة إذا جرت بشكل طبيعي بدون قيود أمنية)..شاهدوا الفارق بين جنازة قاضي الإعدامات شعبان الشامي وجنازة الشاب محمود الأحمدي الذي حكم عليه زميل شعبان وشبيهه حسن فريد بالإعدام قبل أربع سنوات.. جنازة شعبان خرج فيها عدد محدود وربما يكونون من رجال الأمن أو بعض أقاربه فقط حتى إن السلطة التي استخدمته في إصدار أحكام جائرة لم تهتم بترتيب جنازة كبيرة له، بينما جنازة الأحمدي غصت بالمشاركين رغم أجواء الخوف التي فرضتها الشرطة عليها».

حوَّل العدالة إلى مقصلة

وعلقت الناشطة فرح ريال بالقول: «حوَّل العدالة إلى مقصلة، وفي جلسة واحدة أصدر بحق أكثر من 100 متهم ما بين إعدام وسجن مؤبد.. مات اليوم قاضي الإعدامات وهو الآن بين يدي الديان، لم يحضر جنازته إلا حوالي 20 شخصاً من أقربائه حتى الذين استعملوه وحقّقوا به مُرادهم تركوه وحيداً.. وهذه هي نهاية الطغاة والظلمة، فهل من معتبر».
وقالت صفاء: «مهما تجبرتَ في الأرض واستكبرتَ ستموت حتماً وستقف بين يدي العدل الواحد القهار وسيأخذ كل إنسان حقه منك، إياك والظلم».
في المقابل كتب أحد المعلقين: «ألف رحمة ونور وراحة وسلام على روحك أيها البطل الشجاع الذي حاكم الجاسوس محمد مرسي ولم يخف من أتباعه الإرهابيين».
وقال أحمد حسونة: «قاضي الإعدامات شعبان الشامي أول يوم له في القبر، يا ترى استقبلوك إزاي؟ وعملوا فيك ايه؟ ولسانك نطق بإيه؟ هو الآن يقف أمام الله للفصل في قضاياه ورد حق المظلومين، لقد ذهبتَ للحَكَم العدل، الناس فرحانه في موته لأنهم يعلمون أن الحق سيُرد اليوم لأنه سيقف أمام الله نصير المظلومين».
ونشر أحمد المنصور على شبكة «إكس» صورة للقاضي أحمد الشاذلي الذي توفي هو الآخر مؤخراً، وهو القاضي الذي أصدر حكماً تاريخياً يقضي بأن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان ولا يجوز التنازل عن شبر منهما، وكتب المنصور معلقاً: «قاضي بيلعنه الناس وقاضي شريف يترحم عليه الناس، رحم الله الشاذلي وأسكنه الفردوس الأعلى».
وقال الناشط عبد الله الشريف: «اللهم إني بهذا الطاغية شامت، ليس بالموت فقد كتبته على الناس، شامت بزوال سلطانه ووقت القصاص، فاجعل اللهم عذابه ضعفين واقضِ منه كل دَين».
وكتب أبو أسيد شتاء: «مات من قضى على مرسي بالإعدام بتهمة التخابر مع حماس. مات من قضى على مئات الأبرياء بالإعدام لخروجهم في رابعة. مات من قضى على مئات الآف الناشطين بالمؤبد لاستنكارهم المشهد. مات من قضى على ديمقراطية مصر بالسجن.. إلى مزبلة التاريخ يا شعبان».

الحق يعود ولو بعد وقت

وظهرت الناشطة دينا زكريا في مقطع فيديو نشرته على شبكة «إكس» وقالت فيه: «ويلٌ لقاضي الأرض من قاضي السماء. اليوم نسمع خبر وفاة المستشار شعبان الشامي الذي كان معروفاً باسم قاضي الإعدامات، بسبب أحكام الإعدام التي أصدرها ضد المئات من الشباب المصريين في أعقاب الانقلاب الذي حدث في مصر بالعام 2013. دعاوى المظلومين ودعاوى الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن بسبب أحكامه. وأحكام كثيرة ارتبطت به وجميعها قضايا سياسية وليست جنائية، مثل قضية التخابر التي كان من بين المحكومين فيها الرئيس الشهيد الراحل محمد مرسي، وعدد كبير من قيادات جماعة الاخوان ومعارضي الانقلاب».
وأضافت زكريا: «الخبر هذا جاء بالنسبة لكثيرين ليفتح الجراح ويذكر الناس بالسنوات التي عاشوها ظلماً في السجون، وما زالوا في السجون. البعض رآى في موته نوع من العدالة الإلهية. اليوم تشعر بأن الحق يعود ولو بعد وقت. وكثيرون دعوا عليه وهو ذاهب للقاء الله.. هذه الأحكام التي أصدرها قاضي الإعدامات لم تكن مجرد ورق، ولا حبر على ورق، بل غيرت مصائر أشخاص، وكسرت بيوت وعائلات، وتترك أيتاماً. ومهما كان فيه خصومة سياسية فإن الظلم دوماً له ثمن، والعدل له طريق ولو متأخر».
وانتهت دينا زكريا إلى القول: «وفاة شعبان الشامي فتحت الباب مجدداً عن الحديث عن العدالة في مصر، ودور القضاء المسيس في مصر، والأحكام السياسية الظالمة، وعن الناس الذين ما زالوا داخل الزنازين، وأولئك الذين تم إعدامهم، وعن مستقبل بلد محتاجة تعيد التفكير في مفهوم العدالة عشان الأمان والسلم.. اليوم نتذكر أن هناك عدالة أكبر من كل عدالات الأرض، وهي عدالة رب العالمين، والتي لا يُمكن لأحد أن يُفلت منها».
ونشر حساب «قلم رصاص» تغريدة على شبكة «إكس» قال فيها: «لأن تموت مظلوماً في السجن يُصلى عليك صلاة الغائب، خيرٌ لك ألف مرة من أن تموت قاضياً، حَكَمَ بالباطل فمات تتبعه لعنات تترى، وما عند الله أشد تنكيلاً».
وعلق أحد النشطاء قائلاً: «مات قاضي الإعدامات شعبان الشامي وهو في رقبته مئات الشهداء وعشرات الآلاف من المعتقلين ودمار بلد بإكملها، عليه من الله ما يستحق.. أما والله إن الظلم لؤمٌ، وما زال المسيء هو الظلوم، إلى ديان يوم الدين نمضي، وعند الله تجتمع الخصوم».
ونشر أحمد الحسني الشنقيطي بيتاً من الشعر يقول: «إذا خان الأمير وكاتبوه، وقاضي الأرض داهن في القضاء، فويلٌ ثم ويلٌ ثم ويلٌ لقاضي الأرض من قاضي السماء».
أما الناشط الفلسطيني الدكتور إبراهيم حمامي فكتب يقول: «كم الدعوات عليه، وكم التضرعات لله سبحانه وتعالى بأن ينتقم منه شيء يفوق التصور.. إذا كان هذا حالُ قاضي الإعدامات كما اشتهر والذي باع نفسه للسيسي، فكيف سيكون حال الناس عندما يموت السيسي نفسه؟ اللهم انتقم من كل طاغية ومجرم ومن كل من استحل دماء الأبرياء».
أما الناشط المصري الدكتور أحمد عطوان فقال: «إن في ذلك لعبرة، هل شاهدتم جنازة قاضي الإعدامات، ذهب إلى لقاء ربه وحيداً.. بلا صولجان ولا حراسات، يشيعه بضعُ نفر من العامة، لم يشيعه مسؤولون ولا وزراء، لم يحضر جنازته سيسي ولا بيصي، كلهم أنكروه ولو حضروا مانفعوه، مات بعدما باع دنياه بدنيا غيره، تشيعه لعنات المظلومين ودعوات المضطهدين فهم ذوي الحق وشهداء الله في الأرض. اللهم عامله بعدلك وانتقم لمن ظلمهم واشف صدور قوم مؤمنين».
يُشار إلى أن الشامي هو أول قاضٍ في تاريخ مصر يحيل رئيساً سابقاً إلى «فضيلة المفتى تمهيداً لإعدامه»، وهو محمد مرسي، بعد أن ترأّس هيئة محكمة جنايات القاهرة التي نظرت في قضيتي «الهروب من سجن وادي النطرون»، التي كان مرسي متهماً فيها، وأيضاً قضية «التخابر مع منظمات وجِهات أجنبية» عندما كان مرسي رئيساً، وحُكم عليه وآخرين بالإعدام والسجن المؤبد.
وكان للشامي دور أيضاً في محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك، والمعروفة بـ «محاكمة القرن»، وأصدر حكماً بإخلاء سبيل مبارك في قضية الكسب غير المشروع.
ووُلد المستشار شعبان عبد الرحمن محمد الشامي عام 1953، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1975 بتقدير جيد جداً، ليبدأ سريعاً عمله بالقضاء عام 1976، وليتدرج في المناصب القضائية، وقد عمل بمحاكم الاستئناف، واستقر عمله بمحاكم الجنايات منذ عام 2002 حتى وفاته.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences