القِيادَةُ التَّعْلِيمِيَّةُ فِي عَصْرِ التَّحَوُّلاتِ الرَّقْمِيَّةِ: أَدْوَارٌ مُتَجَدِّدَةٌ وَتَوَاصُلٌ فَعَّالٌ
الكاتب: الدكتور عايش النوايسة
يمرُّ العالمُ اليومَ بمتغيراتٍ متسارعةٍ في كافَّةِ جوانبِ الحياةِ، حتى تميَّزَ هذا العصرُ بسمةِ التغييرِ المستمرِّ. لقد أصبحتْ المعرفةُ والمهاراتُ عرضةً للتطورِ بشكلٍ سريعٍ، مما يتوجَّبُ على القياداتِ التعليميةِ المدرسيةِ ضرورةَ التكيفِ السريعِ مع هذا التغيرِ والتطورِ، وممارسةَ أدوارٍ جديدةٍ ترتبطُ بتغييرِ دورها بشكلٍ خاصٍّ.
في ظلِّ التطوراتِ التكنولوجيةِ والتحولِ في أساليبِ التعليمِ الحديثةِ، يقعُ على عاتقِ القياداتِ المدرسيةِ دورٌ محوريٌّ في قيادةِ التغييرِ وضمانِ نجاحِ العمليةِ التعليميةِ. لذا، عليها وضعُ رؤيةٍ واضحةٍ لتوظيفِ التكنولوجيا في التعليمِ، بحيثُ تكونُ هذه الرؤيةُ متوافقةً مع احتياجاتِ الطلبةِ وأهدافِ المدرسةِ، وأهدافِ النظامِ التعليميِّ، والقيادةِ المدرسيةِ الفاعلةِ.
يفرضُ هذا الواقعُ دورًا جديدًا للقيادةِ المدرسيةِ، حيثُ أدتْ الابتكاراتُ في السنواتِ الأخيرةِ في مجالِ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتصالاتِ، جنبًا إلى جنبٍ مع متطلباتِ التعلمِ الجديدِ، إلى ظهورِ تحولاتٍ عدةٍ في نُظمِ وبيئاتِ التعلمِ التكنولوجيِّ والإلكترونيِّ. ومن هذه التحولاتِ، التحولُ من التركيزِ على المحتوى إلى التركيزِ على الاتصالِ الفعّالِ من قِبَلِ القيادةِ المدرسيةِ.
يُعدُّ التواصلُ والتفاعلُ في حقيقتِه جوهرَ الأنشطةِ المدرسيةِ، وأداةً إذا استخدمها العاملونَ، ساعدتْهم على تسهيلِ مهماتِهم وتحسينِ أدائهم وبناءِ شخصياتِهم. يشكلُ التواصلُ والتفاعلُ المدرسيُّ الإيجابيُّ الركيزةَ الأساسيةَ للعمليةِ التعليميةِ التعلُّميةِ، إذ إنَّ القائدَ المدرسيَّ الناجحَ والفعّالَ هو الذي يحاولُ بشكلٍ مستمرٍّ أن يعيَ مستوياتِ الاتصالِ وفعاليتَه في أداءِ عمليةِ الاتصالِ والتواصلِ في التنظيمِ المدرسيِّ، فضلًا عن اقتناعِه التامِّ بأهميةِ هذه العمليةِ في تحقيقِ أهدافِ التنظيمِ.
يحتاجُ القائدُ الناجحُ في عملِه - لكي يحققَ أهدافَ المدرسةِ - إلى التوجيهِ المستمرِّ بحيثُ يحققُ حاجاتِ العاملينَ والطلبةِ في المدرسةِ، ويوجهُ سلوكَ الطلبةِ إلى تحقيقِ الأهدافِ التي وُجدتْ المدرسةُ من أجلِها. وكلُّ ذلك يحتاجُ إلى الاتصالِ والتواصلِ معهم وبشكلٍ مستمرٍّ، وهذا يكونُ بالانتقالِ من السلبيةِ إلى مشاركةٍ أكثرَ تفاعليةً في عمليةِ التعلمِ من قِبَلِ المتعلمينَ، ومن التركيزِ على التعلمِ الفرديِّ إلى التركيزِ على التعلمِ الموقفيِّ الاجتماعيِّ وغيرِه.
في ظلِّ تلك التحولاتِ، أصبحتْ أهميةُ قدرةِ المتعلمِ وتمكُّنِه من الوصولِ إلى مصادرِ التعلمِ بنفسِه لا تقلُّ أهميةً عن تمكُّنِه من المحتوى التعليميِّ. وأصبحتْ بيئاتُ التعلمِ أكثرَ تكيُّفًا وتجاوبًا وانفتاحًا، مما أتاحَ لها التعاملَ بفعاليةٍ مع الحاجاتِ الفرديةِ والشخصيةِ المختلفةِ لكلٍّ من المعلمينَ والمتعلمينَ.
يتطلبُ هذا قيادةً تعليميةً واعيةً ومُدرِكةً للتعاملِ مع هذه المتغيراتِ، وإدارةَ توظيفِها في عمليةِ تعلمِ وتعليمِ الطلبةِ من خلالِ توفيرِ البيئةِ الملائمةِ والدعمِ المناسبِ للمعلمينَ من خلالِ تقديمِ تعليمٍ عالي الجودةِ وفقَ النظرةِ الشموليةِ للجودةِ التي تركزُ على مجموعِ خصائصِ ومميزاتِ المنتجِ التعليميِّ الذي يعملُ على تلبيةِ متطلباتِ الطلبةِ التعليميةِ، وبما ينعكسُ لاحقًا على جودةِ مخرجاتِ التعليمِ








