رجل الميدان دولة (حسان) في (الميزان) ..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

مايو 29, 2025

بقلم المهندس خالد بدوان السماعنة 

"هذا الميدان يا حميدان" .. عبارة أصيلة اسمعها منذ نعومة الأظفار وترمز إلى أن الميدان هو الاختبار الحقيقي للقدرات والكفاءات .. والعجيب أنه مثل يستخدم في مختلف الدول العربية، ويُقال عادةً لمن يكثر الكلام ويدّعي القدرة على إنجاز الأمور، فجاء المثل دعوة له لإثبات أقواله بالفعل، بأن يُظهر كفاءته على أرض الواقع، لا بالكلام فقط.

 مقالي هذا لا كتبته تذلفا ولا تقربا ولكنها شهادة شاهد عيان لاينقل أخباره من خلال صفحات الصحف أو وسائل الإعلام .. بل من واقع وإن كان قد أرهقه وأثقل كاهله إلا أنه أفرحه بأن أعاد ثقته برجالات هذا البلد المعطاء .. فلا يزال يخرج من ترابه رجال تعجز الآلة البكماء الصماء عن الصمود كصمودهم في وجه كل المعيقات والتحديات .. ومع أنه لم تمر علي حقبة كالتي تمر منذ استلم دولة جعفر حسان رئاسة الحكومة الأردنية إلا أني أرى لهذا التعب ثمارا .. بل وفهمت الآن ما كان يعنيه دولته حين قال: 

( وستعمل الحكومة بكل طاقتها لخدمة الأردن والأردنيين، وتنفيذ ما ورد في كتاب التكليف السامي، وفق برنامج واضح أساسه العمل المخلص الجاد).انتهى

فياله من عمل جاد ! تنوء بحمله العصبة من الرجال .. عمل كان الميدان محوره ومركزيته.

لا تستخفوا بالعمل الميداني ياسادة ! فهو نعم الميزان ! وياله من ميزان ! يحتاج جلدا وصبرا وحنكة منقطعة النظير !.. وإن كان البعض قد فهم عمل الميدان (بالمقلوب), فليس كل من نزل الميدان أحسن !  بل هو أحد ثلاثة أصناف ..

أما الصنف الأول ... فجلس في مكتبه خلف جدرانه مختبئا  خلف أتباعه وحاشيته ينتظر منهم التقارير التي لا تعكس إلا أن كل شيء على مايرام .. وأن الناس يدعون له بطول العمر، ويشكرون له ما يقدمه في خدمة الوطن والمواطن مع أن الواقع مغاير تماما لما ينقل إليه ... وهذا الشخص في العادة لا يستيقظ الا على مصيبة من العيار الثقيل ترمي به بعيدا عن كرسيه أو حتى في غيابات جب عميق !. وإن بقي فباللف والدوران والكذب والبهتان.

والمصيية أنه وإن زال فستبقى هذه الحاشية في كراسيها (!) لتمارس سحرها على غيره .. وأما هو فيذوب وصفه ورسمه كما يذوب الملح في الماء.

وأما الصنف الثاني ... فهو من أهل الميدان؛ لكنه بلا نتيجة ترجى في الواقع .. زيارات من أجل خبر إعلامي هنا أو تحقيق صحفي هناك .. مئة صورة وصور والنتيجة: لا شيء ! وما كان لغير الله سرعان ما يزول .. وأما الزبد فيذهب جفاء.

وأما الصنف الثالث... فهو دولة (حسان) - نحسبه ولا نزكيه على الله - الذي كان وسطا بين طرفين ذميمين، وكالهدى بين ضلالتين ! وكالوادي بين جبلين! .. تعلم من معلمه و قائده عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله معنى أن تكون قائدا نموذجا .. ومعنى أن تكون رجل ميدان ! فالميدان يعني واقعية في اتخاذ القرارات، التي تأتي بعد معاينات مباشرة، فتكون أكثر دقة وفاعلية، وتشعر الموظفين بأن هناك رقابة فعلية ومستمرة، فتبني الثقة وتعززها، وتصبح نموذجا ملهما، وخاصة أنها تفضي إلى التعرف على الكفاءات في الميدان، وتعزيز العدالة والشفافية.

لقد رأيت بأم عيني من دولته نموذجا جديدا له طعمه الخاص! نموذجا رائعا في العمل الميداني .. أبهى سماته أن الهدف منه ليس الظهور الإعلامي .. في زمن ما أكثر من يحبون الظهور فيه .. ممن غلبتهم شهوة الظهور فبات أحدهم أسيرا لها حتى يصير ألعوبة في يد من يتحكمون بدفة الظهور .. فبئس الظهر ومن عليه.

لقد رأيت بأم عيني العمل الميداني وهو يسبقه جمع معلومات عن الميدان قبل زيارته ومن طرق بعيدة عن القناة الرسمية لضمان المصداقية والشفافية.

كان بإمكان دولته أن يسرب خبر زيارته ليحتاط كل محتاط! لكني أؤكد أن مايجري يجري في منتهى السرية.

رأيت العمل الميداني يحتاج خطة عمل مسبقة لطريقة الزيارة ووقتها، وهل ستعتمد على أسلوب الغارة المفاجئة؟ أم الإعلان عنها مع دعوة كافة المعنيين من خارج الجهاز لضمان وجود الرأي والرأي الاخر، وسماع الشكوى وسماع الرد عليها (؟!!).

رأيت وعاينت - وهذا اخطر مافي الزيارات الميدانية - أن الزيارة الميدانية حتى تكون ذا فائدة .. فلا بد أن يلمس أثرها الناس .. فما فائدة جمع قوائم الاحتياجات والمشكلات ثم لا يكون ثمة حل هنا أو هناك ؟!. ولذا فقد رأيت زيارة دولته يسبقها تخطيط لحجم الموارد والقدرات المادية والمعنوية لسد حاجة ماسة تخدم مصلحة المواطن، واستنفاذ الوسع في إيجاد مصادر بديلة.

كم ممن يزورون الميدان يقعون في خطأ قاتل .. حاصله أن بعض السادة الذين ينزلون إلى الميدان تجدهم يستجيبون لأي مطلب وإن كان مصادما للسياسات والتعليمات والمنطق، وذلك في سبيل التأكيد على أنه قد استجاب للمطلوب !! وهذا أخطأ من حيث ظن الإصلاح ! فإذ كانت هذه الاستجابة ( التي كان من الممكن رفضها دون أدنى أذى ) جد مكلفة (!) فقد أصبحت مثالا حيا على هدر المال العام .. نعم فهناك من لا يتردد في هدر مقدرات الدولة ليس خدمة للدولة بقدر ماهو خدمة لصورة شخصه الكريم.

اعلم أن هذا الحديث مزعج للبعض .. وأن البعض سيلوي عنق هذا المقال ليصل إلى مبتغى له خبيث .. لكنه في النهاية الميدان الذي يؤكد على أن العمل العام كمن يسير على جسر ارفع من الشعرة، وأحد من شفرة السيف.

ثم ماذا يا سادة ! .. إنها الاستدامة ! نعم فلقد رأينا في سياسة الحكومة الجديدة متمثلة برئيسها (حسان) إصرارا وثباتا على سياسة العمل الميداني ! لا تراجع ولا استسلام ! ولا كلل ولا ملل! .. الميدان الميدان ياجعفر حسان ! .. حتى بتنا نركض بدل أن نمشي ! والركض و ثقيل الوزن لاينسجمان .. فبتنا أمام خيارين أحلاهما مر .. فإما أن تترك الميدان ! وإما أن تخفف الوزن لتدرك سرعة القبطان !.

أعاننا الله وإياك دولة الرئيس على حمل المسؤولية بما يرضي الله تحت ظل جلالة الملك حفظه الله وسدد على الخير خطاه.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences