مناشدة عاجلة لرئيس الوزراء العراقي لصرف رواتب موظفي إقليم كردستان ..
بقلم : رنج عبدالله باراوي
ناشط دولي في حقوق الإنسان
إلى دولة رئيس مجلس الوزراء العراقي المحترم
السيد محمد شياع السوداني – حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
قال الإمام علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه):
“لو كان الفقر رجلاً لقتلته”
ليست هذه المقولة مجرّد حكمة، بل دعوة صريحة لتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية والاهتمام بالفقراء والمحرومين.
دولة الرئيس المحترم،
نتوجه إليكم بهذه الرسالة كمواطن عراقي، وحقوقي، وناشط دولي في مجال حقوق الإنسان، لنعبر عن قلقنا العميق واستيائنا البالغ من استمرار قطع رواتب موظفي إقليم كردستان، وهو إجراء ألحق أضرارًا جسيمة بآلاف العائلات التي تعتمد كليًا على هذه الرواتب في تأمين أساسيات الحياة: الغذاء، الدواء، التعليم، والسكن، لا سيما بين الفئات الأكثر هشاشة كالأطفال، المرضى، ذوي الاحتياجات الخاصة، وكبار السن من المتقاعدين.
إن الدستور العراقي، الذي لا يجيز سياسة التجويع أو التمييز، يكفل العدالة والمساواة بين جميع المواطنين، ويلزم الحكومة الاتحادية بتأمين الحقوق المالية لكل العراقيين دون استثناء أو تمييز على أساس الانتماء الجغرافي أو السياسي أو الطائفي.
إن الاستمرار في هذا النهج يُهدد وحدة النسيج الوطني، ويعكر صفو السلم الاجتماعي، ويزيد من حدة التوترات بين مكونات الشعب العراقي في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى الوحدة والتكاتف لبناء عراق مدني، حضاري، بعيد عن الأزمات والانقسامات التي قد تؤدي إلى الجريمة وتهدد النظام القانوني والإصلاحي.
ما يدعو للقلق بشكل أكبر هو تسييس الملف المالي، حيث تحوّلت الرواتب إلى أداة ضغط في الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل، في وقت كانت فيه حكومة الإقليم ملاذًا لمليون نازح ولاجئ. إن استخدام الرواتب كوسيلة للمساومة لا يُهدد فقط حياة المواطنين الأبرياء، بل يزرع شعورًا بالتمييز القومي، ويُضعف ثقة المواطن الكردي في الدولة، ويعمّق الانقسام الوطني.
دولة الرئيس،
السلام لا يتحقق فقط بغياب الحروب، بل حين يشعر المواطن بالأمان الاقتصادي والعدالة والمساواة. فالسلام الاقتصادي هو حجر الأساس في تحقيق التنمية والإصلاح والاستقرار. وحين يُترك إقليمٌ كامل يواجه أزمة مالية خانقة بسبب خلافات سياسية، فإن الرسالة التي تصل إلى المواطن هناك هي أن المواطنة لا تُكافأ بحقوق، بل تُقايض بالولاءات.
من هذا المنطلق، نُناشدكم باسم الدستور، وباسم الواجب الأخلاقي والوطني، أن تتدخلوا بشكل فوري وعاجل لصرف الرواتب المستحقة لموظفي إقليم كردستان، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، وأن يتم فصل الملف المالي عن التجاذبات السياسية، لما في ذلك من احترام لحقوق المواطنين، وترسيخ لقيم العدالة والمساواة التي تؤمن بها حكومتكم، وتعهدتم بها في مشاريع الإصلاح والتنمية المستدامة.
إن عراقًا موحدًا لا يمكن أن يُبنى دون إقليم كردستان، ولا يمكن أن يتحقق استقرار وطني بدون سلام اقتصادي شامل.
وفقكم الله لما فيه خير العراق وشعبه،
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
المخلص للوطن والشعب
الحقوقي رنج عبدالله باراوي








