م. عماد المومني يكتب .. (حكومة جعفر حسان) هل تنحى نحو يسار الوسط ..؟؟

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

في وقتٍ تتجه فيه أنظار العالم والاردنيين إلى التصعيد الإقليمي الخطير بين إيران وإسرائيل، خاصة بعدما دخلت الولايات المتحدة الامريكية بشكل مباشر وعلني في الصراع، اضافة الى حرب الابادة الجماعية وخطر التهجير ومأساة الحرب في غزة، وإثر دعوات مهتمين ومراقبين لصانع القرار الأردني بضرورة تمتين وتعزيز جبهتنا الداخلية بما يتوافق مع ذلك الدفق الهائل من المستجدات السياسية والإقتصادية بالمنطقة ودول الجوار، جاءت ردود الفعل عبر سدة الرابع بإطلاق رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان سلسلة قرارات اقتصادية - اجتماعية استثنائية، تُظهر توجهًا واضحًا نحو يسار الوسط، مع التركيز على العدالة الاجتماعية وتعزيز الحماية للمواطنين الأكثر احتياجًا.

هذه القرارات، التي طالما انتظرها الأردنيون، تشكل نقلة نوعية في السياسات الحكومية، وتُبرز فهمًا عميقًا للمدارس الاقتصادية المتنوعة، مع حفاظها على التوازن المالي. فيجب أن لا تمر هذه القرارات دون تتبع اثارها ومنطلقاتها التي تشير بما لايدع مجالا للشك بان لدى الرجل خطة اقتصادية اجتماعية طموحة.  

أولا - قرارات تاريخية في القطاع الصحي: نحو تأمين صحي شامل
في خطوة هي الأكبر من نوعها، وقعت الحكومة اتفاقية مع مؤسسة ومركز الحسين للسرطان لتأمين علاج 4.1  مليون أردني، بما في ذلك: كبار السن (60 عامًا فما فوق)– الفئة الأكثر عرضة للإصابة، جميع الأطفال (19 عامًا فما دون)، منتفعي صندوق المعونة الوطنية بغض النظر عن العمر، وبكلفة تصل الى 132.5 مليون دينارا، تتحمل الحكومة منها 124 مليون دينارا، مما سيشهد نهاية نظام الإعفاءات الطبية، واستبداله بنموذج تأميني مستدام.

ان هذا القرار بلا شك يُنهي معاناة آلاف الأسر التي كانت تضطر إلى التوسل أو الاقتراض لعلاج مرض السرطان، ويُحقق مبدأ العدالة الصحية، ويُرسي أسس التأمين الصحي الشامل الذي طالما طالب به الأردنيون من خلال المؤسسات المختلفة وفي مقدمتها مجلس الامة والاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والاعلام، كما يعكس القرار قيم التكافل الاجتماعي، خاصةً مع شمول كبار السن، في إشارة واضحة إلى احترام هذه الفئة وتقديرها.

ثانيا - دعم غير مسبوق للمعلمين: أراضٍ ومكرمة وقروض ميسرة
في قطاع التعليم، أعلنت الحكومة عن حزمة دعم متكاملة للمعلمين، تشمل: (تخصيص أراضٍ للإسكان عبر آلية عادلة تشمل جميع المحافظات، صرف سلف مالية طارئة من صندوق الضمان الاجتماعي، مع تسريع الطلبات المتأخرة، تمويل ميسر بفائدة مخفضة لمساعدة المعلمين على تلبية احتياجاتهم، زيادة نسبة المكرمة الملكية لابناء المعلمين في الجامعات الى الضعف، وتوسيع شمولية بعثات الحج. ان هذه الحزمة تُترجم الاعتراف بدور المعلم وتُعزز استقراره الوظيفي والمعيشي، وتعكس توجهًا اجتماعيًا واضحًا، يُركز على الاستثمار في رأس المال البشري.

ثالثا - إصلاح النقل العام: مشروع استراتيجي لربط عمّان بالمحافظات
بهدف تحسين جودة الحياة عبر نقل عام آمن ومنتظم، وتقليل الازدحام المروري والانبعاثات الكربونية، أعلنت وزارة النقل عن إطلاق مشروع إعادة هيكلة النقل العام بين العاصمة عمّان والمحافظات، من خلال: (نظام الترددات المنتظمة، دعم حكومي للخطوط غير المربحة، رقابة إلكترونية مُحكمة (تتبع، كاميرات، تحصيل إلكتروني).

ان السياق السياسي لتلك القرارات تُظهر توجهًا اجتماعيًا واضحًا، يتمثل في: تعزيز الحماية الاجتماعية، والعدالة في توزيع الموارد لتشمل الفئات الأكثر احتياجًا، والاستثمار في الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل ،

ختامًا: تقدم حكومة جعفر حسان نموذجًا فريدًا يجمع بين السياسات الاجتماعية والإصلاحات الهيكلية والشفافية المالية. هذا المسار قد لا يعكس بالضرورة انحيازًا كاملًا ليسار الوسط، لكنه يُظهر أولوية واضحة للعدالة الاجتماعية في ظل تحديات اقتصادية مزمنة وطاحنة .

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences