الأتاوات .. اقتصاد الظل يرعب الشارع

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 بقلم: المهندس خالد بدوان السماعنة 

في شوارع الأسواق الشعبية وعلى أرصفة المدن الكبرى، لا يزال شبح الأتاوات يلاحق أصحاب البسطات والتجار الصغار، كأنهم يعملون في مناطق خارجة عن القانون. يدفعون إتاوة لا تكتب في دفاتر، ولا تحددها أي ضريبة، بل تُفرض تحت التهديد والسطوة... والسكوت.

،،، وجه قبيح للابتزاز ،،،

الأتاوة، كما يعرفها البسطاء، مبلغ مالي يُدفع مقابل "الحماية" أو السماح بمواصلة العمل. لكن الحقيقة أكثر مرارة: إنها شكل من أشكال البلطجة المنظّمة، يفرضها بعض أصحاب السوابق أو العصابات المحلية، خصوصًا في الأسواق العشوائية والمناطق الطرفية، حيث تغيب الرقابة أو تتراجع مؤقتًا.

تاجر يتحدث... بثمن الصمت ،،،

يقول ( X )، صاحب بسطة خضار في أحد الأسواق المكتظة:

"ندفع أسبوعيًا حتى لا نتعرض للمضايقة، نعرفهم بالاسم، لكن لا نملك الشجاعة لنبلغ، لأننا نعيش بينهم... والأمن لا يستطيع أن يحرسنا 24 ساعة."

هذا الصوت المكلوم لا يعبر فقط عن حالة فردية، بل يكشف عن فجوة واسعة بين القانون والمجتمع، بين قوة الدولة وواقع بعض المناطق المهمشة.

أسباب تتشابك... وواقع يتعقد ,,,

تفشي ظاهرة الأتاوات ليس وليد اليوم. بل هو نتيجة تراكمات اقتصادية واجتماعية:

- بطالة متزايدة تخلق فراغًا يستثمره الخارجون عن القانون.

- ضعف الرقابة على الأسواق، وغياب التنظيم الرسمي للبسطات.

- الخوف المجتمعي من الإبلاغ والانتقام.

- تشابك النفوذ المحلي وظهور "زعران" يفرضون أنفسهم كسلطة بديلة.

تهديد للاقتصاد والأمن ,,,

والنتائج كارثية:

- تراجع الاستثمار في الأحياء الشعبية.

- هجرة التجار الصغار إلى أماكن أقل ربحًا لكنها "أكثر أمانًا".

- تعزيز ثقافة الخوف وتآكل الثقة في مؤسسات الدولة.

- خلق بيئة خصبة للجريمة المنظمة تحت غطاء اجتماعي.

تحركات أمنية... لكن الطريق طويل,,,

شهدنا فيما مضى تحركات أمنية لافتة، تمثلت في مداهمات واعتقالات لأشخاص متورطين في فرض الأتاوات، وتطبيق "قانون منع الجرائم" بحق بعضهم. لكن الشارع يطالب بالمزيد:

عدالة أسرع، ورقابة أقوى، وتنظيم حقيقي للأسواق.

السبيل إلى الحل؟ ,,,

- تعزيز التنسيق بين الأمن والبلديات لتنظيم مواقع البيع والبسطات.

- فتح قنوات إبلاغ آمنة وسرية دون خوف.

- دعم أصحاب المشاريع الصغيرة وتوفير بدائل قانونية ومحمية للعمل.

- تفعيل العقوبات القانونية وتطبيقها بشكل صارم وشفاف.

ختامًا...

الأتاوة ليست مجرد مبلغ يُدفع، بل هي ثغرة تُداس فيها هيبة القانون وتُهان فيها كرامة العامل البسيط. ومكافحتها تبدأ من الإيمان بأن كل مواطن يستحق أن يعمل بأمان، دون خوف، ودون أن يكون لقمة سائغة في فم الفوضى.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences