الوظيفة في وطني… تُفصَّل على مقاس "الواسطة"، وتُحرم منها الكفاءات!
بقلم: . عوني الرجوب – باحث وكاتب سياسي
في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون الوظيفة العامة حقًا لكل مواطن، أصبحت في نظر كثير من شبابنا مجرد حلم بعيد المنال، لا يتحقق إلا لمن يملك واسطة، أو ظهرًا قويًا يدفعه إلى الصفوف الأولى، حتى قبل أن تُعلن الوظيفة أو تُفتح أبواب التقديم.
لقد بات واضحًا أن هناك شيئًا ما يُدار خلف الستار… فمنذ متى تُعلن الوظائف بعد أن يتم التعيين الفعلي؟ ومنذ متى صار "الفرز الوظيفي" قائمًا على الاسم والهوية والعلاقات، لا على الشهادة والاقدميه والكفاءة والأحقية؟
من لا واسطة له… إلى أين يذهب؟
نحن لا نتحدث عن خيال، بل عن واقع يعيشه آلاف الشباب يوميًا… يتخرجون من الجامعات، يطرقون أبواب المؤسسات، يحملون أوراقهم بكرامة، وينتظرون دورهم بشرف… ثم يعودون إلى بيوتهم منكسرين لأن الوظيفة "راحت لحدا من فوق".
أما من لا واسطة له، فعليه أن يلتزم بيته، أو يُذل نفسه في وظائف لا تليق بعلمه ولا بجهده، أو يذوب في الشوارع بلا عمل ولا أمل. وهو لا يطلب الكثير — مجرد وظيفة تحفظ ماء وجهه وتمنحه سببًا للعيش بكرامة. وهذا حق لكل مواطن ومن واجبات الدوله أن توفر فرص العمل للجميع
شروط تعجيزية… وواقع مر
في كل إعلان وظيفة، نرى شروطًا تُفصّل بعناية: خبرات لا يمتلكها حديثو التخرج، أو شهادات محددة، أو أعمار لا تنطبق إلا على فئة ضيقة. والنتيجة؟ الشاب الكفء يُقصى من أول خطوة، بينما يتم تجهيز الوظيفة مسبقًا لشخص معروف. وكل عام يتقدم الشاب بالعمر ويصبح خارج شروط الوظيفه بسبب تقدمه بالعمر والسبب غياب العداله
أي رسالة نرسلها لجيل كامل عندما نغلق الأبواب في وجهه؟ هل نظن أن الصبر بلا نهاية؟ وهل نُدرك أن الضغط إذا ازداد على جيل بأكمله، فإن الانفجار حتمي؟ نحن أمام قنبلة اجتماعية موقوتة، وقودها: شاب مظلوم، يشعر أن بلده أدار له الظهر.
لا نطلب المستحيل… فقط الإنصاف
نحن لا نُشكك في كل التعيينات، ولا نعمم الظلم على الجميع، لكننا نقولها بصدق: هناك آلاف من شبابنا يشعرون بأن العدالة دفنت تحت كراسي الواسطه والمحسوبيه
ويعتبرون أن العدالة ماتت وان وطنهم خذلهم .
نريد معيارًا واحدًا وواضحًا:
أن يتقدم الجميع بشفافية.
أن يتم اختيار الأفضل حسب الاقدميه والتخصص دون تدخلات.
أن يُراعى الوضع الاقتصادي للأسرة، وعدد العاطلين عن العمل فيها. وهذه اولويه رئيسيه
أن تُنشر نتائج التوظيف بعلانية، وأن تكون قابلة للطعن أو المراجعة.
إذا استمر الصمت… فالعاقبة وخيمة
الوطن لا يُبنى بالواسطة، ولا يُحمى بالمجاملات. والوطن الذي يُهمل أبناءه المخلصين، ويكافئ أصحاب النفوذ فقط، سيخسر ما هو أثمن من الوظائف: الانتماء، والإيمان بعدالته.
دعونا لا نصل إلى تلك المرحلة. دعونا نراجع أنفسنا. دعونا نُعيد للشباب ثقتهم، ونكفّ عن قتل أحلامهم.
نصيحتي لمن بيده القرار: إذا كنتم لا تملكون وظيفة لكل شاب، فعلى الأقل لا تظلموه بمنحها لغيره دون وجه حق. أما إذا أردتم الحفاظ على السلم المجتمعي، فابدأوا من قاعدة العدالة… فمن يشعر أن له مكانًا في وطنه، لن يخذله أبدًا.








