السلطات السورية حذرة في توجيه الاتهامات بحرائق غابات اللاذقية

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

توسعت رقعة الحرائق في غابات جبال اللاذقية بشكل مفاجئ مساء الخميس، بسبب تسارع حركة الرياح بعد اقتراب فرق الإطفاء والدفاع المدني من السيطرة عليها والعمل على تبريد المناطق المشتعلة.
وقال وزير الطوارئ والكوارث السوري، رائد الصالح، إن فرقا أردنية «ما زالت تعمل على الأرض إلى جانب فرقنا إضافة إلى مساعدة الطيران اللبناني والأردني والتركي، وانضمت فرق من العراق الشقيق للعمليات».
وأكد الصالح في اتصال مع «القدس العربي» وصول فرق من الرقة والحسكة  إلى محافظة اللاذقية وانضمامها إلى جهود إخماد الحرائق.
في حين، ما زالت الاتصالات جارية للاستعانة بطائرات قبرصية وأخرى من دول الاتحاد الأوروبي.
وفي سياق منفصل أكد مسؤول العلاقات العامة في محافظة اللاذقية، نور الدين بريمو أن الحرائق قضت على ما يقدر بنحو 15 ألف هكتار من الغابات السورية في محافظة اللاذقية.
ولفت في حديث مع «القدس العربي» إلى أن الصعوبات  التي تواجه الحكومة السورية الجديدة مركبة ومتعددة، أهمها عدم وجود طرق ضمن الغابات مخصصة ومهيئة  للاستجابة لحرائق كبيرة، إضافة إلى وعورة التضاريس، فالمنطقة جروف صخرية ومنحدرات شديدة ووديان تعيق حتى حركة المعدات الهندسية الثقيلة (البلدوزرات والجرافات) كما يتسبب انفجار حقول الألغام التي زرعها النظام البائد بتطاير كرات اللهب والنار وتترافق كل تلك العوامل مع سرعة الرياح الكبيرة.
وفي وقت سابق، أعلن مدير الدفاع المدني السوري في الساحل السوري، عبد الكافي كيال، الأربعاء، عن أنه قد يتم الإعلان خلال الساعات المقبلة عن الانتهاء بشكل كامل من عملية السيطرة على الحرائق في الساحل السوري، ولتبدأ بعدها مرحلة «التبريد» والتأكد من أن الحرائق أخمدت كليا.
وحسب ما أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن كيال، فإن «بؤر الحرائق» تقلصت بشكل كبير وأن فرق الإطفاء تعمل على تبريدها.

من أشعل الحرائق؟

من الواضح أن الحكومة السورية الجديدة تتعامل بحساسية كبيرة مع توجيه الاتهام لأي طرف كان، في حين أن عشرات الناشطين وجهوا اتهاماتهم لجماعات سابقة في جيش النظام أو ما بات يعرف بـ«فلول النظام».
وفي اتصال مع «القدس العربي»، فضل المتحدث الرسمي في وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا  عدم التعليق على تورط بعض الأشخاص في قضايا إشعال الغابات أو أن يكونوا بالفعل يتبعون فلول النظام السابق، ونوه إلى أنه «علينا الانتظار حتى انتهاء التحقيقات مع المشتبه بهم أولا».
وفي المسألة نفسها، نفى مسؤول العلاقات العامة في اللاذقية صحة الخبر الذي جرى تداوله الخميس، والقائل بـ«إلقاء القبض على فلول من النظام أثناء محاولة إشعال نيران» مشددا على أن «التحقيقات جارية لمعرفة الأسباب الأساسية لهذه الكارثة».
وفي الإطار، قال وزير الداخلية اللواء أنس خطاب، في الثامن من الشهر الجاري، خلال زيارة تفقدية لمناطق الحرائق، إن وزارته بدأت بالتحقيق والتقصي حول بعض الشبهات التي وصلت للوزارة، والتي تفيد باحتمالية افتعال الحرائق في الساحل.
وقال خطاب، إن مساحة الحرائق الواسعة والكبيرة تجعل الشكوك وحدها غير كافية، إنما تحتاج التحقيقات إلى أدلة وتوثيقات مفيدة.
وكانت وزارة الداخلية قد دفعت منذ مطلع الأسبوع الماضي بتعزيزات لوجستية وبشرية إلى مناطق الحرائق، بالتنسيق مع وزارة الطوارئ والكوارث.

دعم الأمم المتحدة للمتضررين

مع استمرار اندلاع الحرائق في غابات محافظة اللاذقية شمال غرب سوريا، والتي بدأت بالانتشار والتوسع في الثالث من الشهر الجاري، خصصت الأمم المتحدة 625 ألف دولار أمريكي كاستجابة سريعة للمتضررين في مناطق انتشار الحرائق.
وجاء في بيان لمنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، آدم عبد المولى، الخميس، «لقد خلفت الحرائق المندلعة بالغابات عواقب وخيمة على المجتمعات المحلية، وتتطلب اهتمامًا فوريًا»، لافتًا إلى أنهم متضامنون مع الشعب السوري في هذه الحالة الطارئة، مؤكدا على أنهم مواصلون دعم شركائهم لتقديم المساعدة لمن هم في أمس الحاجة لها.
وقال المنسق إن الدعم المقدم «سيمكن الشركاء الإنسانيين وفي مقدمتهم الهلال الأحمر السوري، من تقديم مساعدات عاجلة للمجتمعات المتضررة».
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت الثلاثاء الفائت على أن «فرقها تشارك في جهود الاستجابة، بالتعاون والتنسيق مع السلطات السورية، لتقييم التداعيات المترتبة على الحرائق التي تضرب مناطق واسعة بريف اللاذقية».
وقالت نائبة المبعوث الأممي إلى سوريا، نجاة رشدي، في منشور لها على منصة «إكس» إن «سوريا بحاجة للمزيد من الدعم الدولي لمواجهة كارثة الحرائق المندلعة في الساحل».

جهود إقليمية

من جانبه، وجه وزير الطوارئ والكوارث السوري، رائد الصالح، الخميس رسالة شكر للعراق على مساندته بدعم جهود إخماد حرائق الساحل، بعد تقارير عن إرسال العراق 10 سيارات إطفاء، و10 ملاحق لتزويد المياه بالإضافة لكوادر بشرية مساندة.
وكانت وزارة الطوارئ والكوارث، قد وجهت الثلاثاء الفائت، طلب مساعدة من الاتحاد الأوروبي للمشاركة في مواجهة الحرائق المندلعة والمتوسعة في جبال الساحل، جاء ذلك على لسان الوزير الصالح، الذي قال في مؤتمر صحافي من مواقع الحرائق التي تنتشر فيها فرق الدفاع المدني، إن الوزارة طلبت مساندة الاتحاد الأوروبي بعد التواصل معه، لافتًا إلى أن فرق إطفاء قبرصية جوية ستبدأ بالمساندة في عمليات إخماد الحرائق، مؤكدًا على قرب «تدخل دولي كبير» في عمليات محاصرة وإخماد النيران.
ورغم تصريحات الصالح فإن دول الاتحاد الأوروبي لم ترسل أي طائرة متخصصة في إطفاء الحرائق حتى إعداد هذا التقرير، مساء الجمعة.
الجدير بالذكر، أن الحرائق التي اندلعت مطلع الشهر الجاري، وانتشرت في 28 موقعا، على امتداد مساحة تزيد عن 10 آلاف هكتار، حسب ما ذكرته «منظمة الزراعة والتنمية الريفية»، حولت ما يزيد عن 100 ألف كيلو متر مربع من الأراضي الحراجية إلى رماد، ما يعني أن الأضرار بمساحة الغطاء الحراجي السوري قد قاربت 3 في المئة.
كما تسببت بنزوح قرابة 1200 شخص من القرى التي اقتربت منها، وانتشرت بمحيطها، وهي قرى وبلدات البسيط والصبورة والمزرعة وبيت عيوش.
وتعتبر حرائق هذا الصيف هي الأوسع في تاريخ سوريا، فقد تعرضت جبال اللاذقية إلى حريق كبير صيف عام 2023، أظهر عجز النظام السوري السابق على الاستجابة لعمليات إطفاء حرائق كبيرة. حيث قضت النيران على آلاف الدونمات من الغابات الحراجية في منطقة جبل التركمان وصولا إلى الحدود التركية شمالا.
وطالت مناطق مشقيتا والسركسية وربيعة والتهمت النيران بساتين الليمون والرمان في عين البيضا وخربة الجوزية في منطقة النخلة.
وتراشقت المعارضة حينها والنظام السوري السابق الاتهامات حول أسباب الحرائق.
وتعاني مناطق جبال اللاذقية من غياب البنية التحتية مثل الطرق الحراجية التي تسهل حركة آليات الإطفاء والتي تخفف من سهولة انتقال النيران، كما تعاني المنطقة من عدم وجود مسطحات مائية يمكن الاعتماد عليها في تبريد الغابات خلال فصل الصيف أو الاعتماد عليها في ضخ المياه إلى سيارات الإطفاء بسهولة وسرعة.
والجدير بالذكر أن تعويض الغطاء النباتي وإعادة زراعة الغابات الحراجية أمر بالغ الصعوبة، فهو يحتاج إلى جهد حكومة كبير من خلال إطلاق مشروع وطني تشارك به التجمعات الأهلية والمنظمات ذات الاهتمام، كما تحتاج إلى مشاركة كبيرة من طلاب الجامعات السورية من خلال إقامة معسكرات صيفية وأخرى من قبل وزارة الدفاع السورية ووزارة الداخلية.
ويمكن لسوريا اتباع خطوات الدول العربية من خلال إطلاق برامج تخفيف الانبعاث الكربوني ومكافحة التصحر والتغيير المناخي التي أطلقتها مصر وقطر والسعودية وتركيا والتركيز على إعادة زراعة المساحات المتضررة في جبال اللاذقية والبدء بالتوازي مع حملة تشجير مناطق واسعة في صحراء دير الزور والرقة من خلال جر أقنية ري من نهر الفرات والاعتماد على تلك المياه في سقاية مناطق شاسعة تحولت إلى مناطق جرداء مع مرور الوقت.

 


 

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences