المغرب… أنموذج عربي فريد في الديمقراطية وتعددية الأحزاب
بقلم: عوني الرجوب
كاتب وباحث سياسي
في عالم عربي ما زالت فيه التجربة الديمقراطية تُراوح مكانها، ويُنظر إلى التعددية الحزبية بكثير من الحذر والريبة، تبرز المملكة المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس كأنموذجٍ مختلف، متقدّم، وشجاع، استطاع أن يؤسس لنهج سياسي راقٍ يوازن بين استقرار الدولة وحيوية المجتمع.
الملكية الدستورية والتعددية الحزبية
منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة في العام 1999، والمغرب يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ الملكية الدستورية الديمقراطية البرلمانية، التي تفتح الباب واسعًا أمام التعددية السياسية، وتمنح الأحزاب المغربية مساحة حقيقية للتعبير عن رؤاها، والمشاركة الفاعلة في صناعة القرار الوطني.
في وقتٍ تغيب فيه الحياة الحزبية الحقيقية عن العديد من الدول العربية، فإن المشهد الحزبي في المغرب يُعد من بين الأكثر تنوعًا وثراءً، حيث تعج الساحة السياسية المغربية بأحزاب يسارية، إسلامية، ليبرالية، قومية، وأمازيغية، كلٌ منها ينشط في بيئة قانونية منظمة، ويخضع لمعايير واضحة تضمن الشفافية والمساءلة.
دعم ملكي صريح للحياة السياسية
لم تكتف الدولة المغربية بإفساح المجال للأحزاب، بل ذهبت أبعد من ذلك، عبر توفير الدعم المالي والقانوني لضمان ديمومتها واستقلاليتها، وتعزيز قدرتها على تأطير المواطنين، وتأهيلهم للمشاركة في الشأن العام. ويُعد هذا النهج علامة فارقة في المسار السياسي العربي، حيث كثيرًا ما تُواجه الأحزاب في دول أخرى بتهميش أو قيود أو حتى تجريم.
إنجازات في عهد محمد السادس: استقرار، تنمية، وانفتاح
في عهد جلالة الملك محمد السادس، لم تكن الديمقراطية مجرّد شعارات، بل جاءت مترافقة مع تحولات تنموية كبرى، أعادت رسم خريطة المغرب اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا:
تم إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى مثل ميناء طنجة المتوسط، وخط القطار فائق السرعة (TGV).
تم تعزيز الحضور المغربي في إفريقيا، وإعادة الانخراط في الاتحاد الإفريقي بحكمة دبلوماسية عالية.
وُضعت خطط تنموية كبرى لتحسين التعليم، والرعاية الصحية، والبنية التحتية.
تم تدشين مشاريع كبرى للطاقة المتجددة جعلت من المغرب رائدًا في هذا المجال.
الريادة الإقليمية في الممارسة السياسية
في زمن الانقسامات والتجاذبات، تُظهر التجربة المغربية نضجًا سياسيًا يُحتذى، إذ تُجرى الانتخابات بانتظام وشفافية، وتنتقل السلطة بسلاسة بين الأحزاب، ويُكلَّف الفائز بتشكيل الحكومة بناءً على نتائج الصناديق، في صورة حضارية تحترم إرادة الشعب، وتحفظ هيبة الدولة.
من هنا، يُمكن القول إن المغرب قد نجح في تقديم وصفة سياسية متفردة: دولة ملكية ذات مرجعية دينية وثقافية عريقة، لكنها منفتحة على العالم، متصالحة مع العصر، تُكرّس الديمقراطية وتُمارسها فعلًا لا قولًا.
خاتمة: ملك بحجم الوطن
إن جلالة الملك محمد السادس، بما يتمتع به من رؤية بعيدة، وحنكة سياسية، وارتباط عميق بهموم شعبه، استطاع أن يجعل من بلاده منارة ديمقراطية في محيط عربي مضطرب، وأن يحوّل العمل الحزبي من عبء إلى رافعة، ومن شكل إلى مضمون.
ولذلك، فإن التجربة المغربية، في ظل قيادة الملك، تستحق الإشادة والدراسة، ليس فقط لما أنجزته على الأرض، بل لأنها تُثبت أن العرب قادرون على بناء أنظمة سياسية عادلة، مستقرة، ومتقدمة… إذا ما توافرت الإرادة والقيادة الحكيمة








