الضربة الإسرائيلية لدمشق: رسائل نارية تتجاوز الحدود وتربك المشهدين الأردني والسوري …
عمّان – بقلم المهندس خالد بدوان السماعنة
في تطور ميداني لافت، شنت إسرائيل فجر اليوم ضربة جوية مركّزة استهدفت مواقع سيادية في قلب العاصمة السورية دمشق، أبرزها مبنى وزارة الدفاع وهيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي.
ورغم أن تل أبيب اعتادت استهداف مواقع إيرانية في سوريا، فإن هذا القصف حمل أبعادًا غير مسبوقة، من حيث رمزيته العسكرية، وتوقيته السياسي، وتداعياته الإقليمية.
إسرائيل: نحو إعادة ترسيم حدود النار
لم تُخفِ إسرائيل دوافعها، إذ أعلنت أن الضربة "جاءت ردًا على تدخل قوات النظام السوري ضد المدنيين الدروز في محافظة السويداء"، وذلك عقب موجة عنف دامية بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية مدعومة من الجيش السوري، أوقعت أكثر من 250 قتيلًا.
لكن ما بين السطور، تحمل الضربة أكثر من رسالة:
- تحذير مباشر لحكومة أحمد الشرع الجديدة التي تسعى لإحكام قبضتها على الجنوب السوري.
- ضربة للهيبة السياسية والعسكرية للنظام في دمشق.
- رسالة إلى إيران وحزب الله بأن خطوط تل أبيب الحمراء لم تعد نظرية.
الأردن يراقب: القلق يتصاعد .. والتنسيق يتعزز
بالنسبة لعمان، تمثل الضربة تحولًا مقلقًا في معادلة الجنوب السوري. فالأردن، الذي لطالما سعى إلى الحفاظ على أمن حدوده مع سوريا عبر سياسة الحياد النسبي، يجد نفسه اليوم أمام سيناريوهات أكثر تعقيدًا:
فأي انهيار أمني في الجنوب السوري (درعا، القنيطرة، السويداء) يهدد بخلق موجات نزوح جديدة نحو الأراضي الأردنية.
وبالتالي سيصبح من الضرورة الاستراتيجية أن يعزز الأردن تنسيقه الأمني مع حلفائه وواشنطن على رأسهم لضبط أي انفلات مفاجئ.
بل ونجد أنفسنا اليوم أمام تساؤل واضح: هل نحن على أعتاب مرحلة "سوريا ما بعد الأسد"، لكن بنسخة أشد غموضًا وخطورة؟
أثر الضربة على المسار السياسي والإعمار في سوريا
على الصعيد الدولي، تُعدّ الضربة الإسرائيلية مسمارًا جديدًا في نعش المسار السياسي السوري. فالمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في إطار جنيف، واللجنة الدستورية، وحتى مشاريع إعادة الإعمار، كلّها باتت رهينة ميزان النار:
- المؤسسات السيادية في دمشق باتت هدفًا مباشرًا، فهل سيؤثر هذا بدوره على الشرعية القائمة؟.
- وهل ستعيد الجهات المانحة (الغرب، والصين، والخليج) النظر في التزامها بتمويل إعادة إعمار بلد باتت مؤسساته وأرضه وهيبته في مرمى النيران؟.
أما الروس - الحليف التقليدي للسوريين - فيكتفون بالصمت. وأما إيران، فتتأهب للرد عبر وكلائها، ما يُنذر بجولة توتر جديدة.
خلاصة المشهد:
سوريا بين نيران الخارج وارتباك الداخل .. والأردن في وضع الترقب
الضربة الإسرائيلية الأخيرة ليست فقط قصفًا لمواقع عسكرية، بل هي تغيير لقواعد اللعبة في جنوب سوريا.
أما الأردن، فهل بات اليوم معنيًا أكثر من أي وقت مضى بإعادة تقييم موقعه من الملف السوري برمّته؟، في ظل تراجع قدرة النظام على السيطرة، وتحوّل الجنوب إلى ساحة صراع معقدة الأطراف (!).
المؤكد أن ما بعد هذه الضربة، ليس كما قبلها.
دمت يا أردن بخير








