العميد محمود الشياب يكتب : النشامى مرّوا من هنا..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

في ثقافتنا العروبية والإسلامية تمثل النخوة، وإجابة المضطر والملهوف قيم سامية، وشرف لا يدانيه شرف؛ عبادات جاءت بها الأديان، ومكارم أخلاق تجود بها النفوس الكبيرة. 

صور الدفاع المدني القادمة من سوريا، وأفعال النشامى وفزعتهم جسدت ضميرنا الأردني ولامست نبض قلوبنا، واهتزت أرواحنا فخراً بها، فالنشامى “كفّوا ووفّوا، ورفعوا رووسنا”

ما فعله النشامى في سوريا هو امتداد لخيمة عز اردنية، وتاريخ من الفزعات لجيشنا وأمننا، وإن حضرت الصورة لتخبرنا عما فعله النشامى في سوريا بفعل تطور وسائل التواصل والاتصال، فقد غابت الصور سابقاً لالاف المرات عن بطولات وكرامات وتضحيات قدمها الأردنيون في مشارق الأرض ومغاربها.

فاسمعوا مني بعض ما شاهدت في مهام شاركت بها وبعض ما سمعت وعرفت من حقائق مؤكدة عرفتها، أغاث فيها الأردنيون شعوباً وقبائل حول العالم…

فالأردن سبق دول عظمى تمتلك الموارد من المال والرجال والسلاح، نعم سبقهم في مدى عطائه، وفي عدد مساهمات أبنائه في المهام الإنسانية حول العالم.

لقد وصل أبناؤنا إلى ما وراء البحار، إلى أول الدنيا وأخرها جابو الدول والأمصار، واسألوا أهل تلك البلاد التي عرفت طيب أفعالهم في أقاصي إفريقيا، وأميريكا الوسطى الكاريبي، وفي شرق الشرق من آسيا أو في غربها وشمالها، أو حتى في قلب أوروبا، وفي جزر ومناطق سمعنا بها وأخرى لم نسمع بها من قبل.

اسألوهم كيف كان الاردنيين رمزاً للأمان في زمن ساد به الخوف، وسالت فيه الدماء، وعز فيه المجير.

ولو سألت ثم سألت، سيخبرك القوم بأن النشامى مرّوا من هناك، مرّوا بعفويتهم، وكرمهم، ورجولتهم، وحسن صنائعهم، وبوجوههم الوضاءة وجباههم السمراء.

كم من مسجد بنوا، وكم من كنيسة حموا، وكم من روح أنقذوا، وكم من مرة أعادوا البسمة فيها لطفل، والأمن لامرأة، والكرامة لمسكين، ثم اسألوهم كم من يتيم وجائع أكل وشرب يومياً من "أرزاق سرية أو كتيبة أردنية" .

كم من حريق أطفأوا، وكم من مريض طبّبوا، وكم من مفقود أعادوا، وكم من مكان هجره ساكنوه أعادوا له الحياة، ونشروا فيه الأمن والسلام من بعد فتنة وقتل واضطراب.

لقد رأيت في بلاد بعيدة طرود خير أردنية يوزعها النشامى في الليل والنهار بالسر والعلانية، ورأيت هناك مساجد وكنائس تقام فيها الصلوات ويذكر فيها اسم الله وقد أمن من فيها على أنفسهم بسبب النشامى.

عائلات تسمي أبناءها باسم "جوردن" تيمناً بالأردنيين، لا بل إني رأيت طفلاً يطلق على نفسه اسم "خليل" وفاء لأردني أنقذه وتكفل بغذائه ولباسه، وغيره العديد من أسماء العشائر الأردنية التي أطلقوها على أنفسهم، كما رأيت هناك في أثرهم الكثير من الحب والخير والمعروف الباقي، والكثير من الدموع التي ذُرفت عند رحيل الأردنيين.

جملة القول؛ بلدنا عظيم، وهاماتنا عالية، وجنودنا أبطال، تربوا في مدرسة عربية هاشمية، حملوا مبادئها وأدوا رسالتها، وكانوا خير سفراء في ظروف صعبة لا يعلمها إلا الله .

رفعوا اللواء وحقنوا الدماء، دافعوا عن الحق، ونصروا المظلوم... أجاروا المستجير، وأغاثوا المحتاج والملهوف... 

قد نكون قد شاهدنا من قبل صور لبطولتهم، أو قد لا نكون، لكنها ستبقى محفورة هناك خلف الزمان والمكان، خالدة في ذاكرة تلك الشعوب، ليحدثوا الأجيال بأن الأردنيين مرّوا من هنا.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences