الأردن وسياسة الحياد الإيجابي في الصراعات الإقليمية ..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

بقلم: أحمد الصباغ

وسط بحر من الأزمات التي تضرب الإقليم، يواصل الأردن انتهاج سياسة "الحياد الإيجابي" كركيزة أساسية في دبلوماسيته الخارجية، متفاديًا الانجرار إلى محاور الصراع، وساعيًـا في الوقت ذاته إلى لعب دور الوسيط والفاعل القادر على بناء الجسور بين الأطراف المتنازعة.

وقد أثبتت هذه السياسة فعاليتها في السنوات الأخيرة، حيث حافظ الأردن على علاقات متينة مع مختلف الأطراف، رغم التناقضات السياسية بينها. فبينما تربطه علاقات استراتيجية بالولايات المتحدة، فإنه يواصل حوارًا مفتوحًا مع روسيا وإيران، ويحتفظ في الوقت ذاته بعلاقات راسخة مع دول الخليج ومصر وتركيا.

التحولات الجيوسياسية في المنطقة، من الحرب في أوكرانيا إلى التصعيد في البحر الأحمر، فرضت تحديات جديدة على الدول الصغيرة والمتوسطة، إلا أن الأردن نجح في الحفاظ على توازنه، مستندًا إلى موقف ثابت يقوم على احترام السيادة، وعدم التدخل في شؤون الدول، والدعوة إلى الحلول السلمية.

وفي الأزمة السورية، كان الأردن من أوائل الدول التي استقبلت اللاجئين، دون أن يكون طرفًا في الصراع. كما سعى جاهدًا للعب دور الوسيط في عودة سوريا إلى محيطها العربي، وهو ما تجلى في مشاركته في الاجتماعات العربية بشأن دمشق، وتأكيده على أهمية الحل السياسي.

من جهة أخرى، يتعامل الأردن مع ملف الصراع في فلسطين بجدية عالية، منطلقًا من دوره التاريخي في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ورفضه القاطع لأي محاولات لفرض أمر واقع جديد في المدينة المقدسة.

وتبقى القضية الفلسطينية في صلب أولويات الخارجية الأردنية، حيث يشدد المسؤولون الأردنيون في كل المحافل على أن لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967.
سياسة الحياد الإيجابي ليست ضعفًا أو تراجعًا، بل هي تعبير عن نضج سياسي وفهم عميق لتعقيدات الإقليم. والأردن، بخبرته وحنكته الدبلوماسية، يقدم نموذجًا لدولة صغيرة الحجم، لكنها مؤثرة ومسموعة الكلمة، وقادرة على العمل بهدوء وفعالية في زمن الاضطرابات.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences