تيتي تيتي مثل ما رحتي اجيتي: تعديل وزاري بطعم التكرار
بقلم : عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي
في كل مرة تُعلن فيها الحكومات عن “تعديل وزاري مرتقب”، يتشبّث المواطنون بخيوط أمل قد تغيّر من واقعهم المعيشي، الاقتصادي، أو حتى السياسي. ولكن سرعان ما تنقلب الآمال إلى خيبة، حين يتبين أن التعديل لم يكن سوى تبديل مقاعد بين نفس الوجوه، أو استبدال أسماء جديدة تسير على نفس النهج القديم. وهذا تمامًا ما يلخصه المثل الشعبي: “تيتي تيتي مثل ما رحتي اجيتي.”
التغيير الشكلي لا يُنتج إصلاحًا
التعديل الوزاري الذي جرى اليوم جاء وسط توقعات كبيرة وتحليلات أوسع، إلا أن نتائجه لم تفِ بما انتظره الناس. فالحقائب الوزارية التي شهدت تغييرات اقتصرت على استبدال الأشخاص دون أن تمس جذور السياسات أو الأولويات. المشكلة لم تكن في الأسماء فقط، بل في غياب الرؤية والإرادة الحقيقية للإصلاح.
التعديل بدا كأنه حركة لامتصاص الضغط الشعبي أو الإعلامي، وليس استجابة جادة للأزمات المتراكمة التي تواجه البلاد. فكيف يمكن لتعديل أن يحدث فرقًا، إذا لم يكن مبنيًا على مراجعة شاملة للأداء الحكومي، وتقييم دقيق للوزارات الأكثر إخفاقًا؟
المحاصصة لا تزال تحكم
واحدة من أبرز الإشكاليات التي تُضعف أي تعديل وزاري في بعض الدول العربية هي المحاصصة السياسية أو المناطقية أو حتى العائلية. يُختار الوزير أحيانًا لا لكفاءته، بل لانتمائه أو خلفيته، ما يحوّل الوزارات إلى جوائز ترضية، وليست أدوات فاعلة للتنمية أو الإصلاح.
طالما بقيت هذه العقلية تحكم مفاصل الدولة، فالتعديل سيبقى أشبه بعملية تدوير للمناصب، لا أكثر. أسماء جديدة، ولكن بذات السياسات، وبذات الذهنية البيروقراطية التي تعيق التطوير.
أين الشفافية والمحاسبة؟
أي تعديل وزاري يجب أن يسبقه تقرير علني ومفصل عن أداء الوزراء السابقين. لماذا أُقيل هذا الوزير؟ ولماذا تم اختيار البديل؟ ما هي المعايير؟ لكن ما يحدث في الواقع هو أن الوزراء يرحلون بصمت، ويأتون بصمت، في ظل غياب تام للشفافية والمحاسبة.
في دول تحترم نفسها، الوزير المستقيل أو المُقال يُسأل ويُحاسب، ويشرح للناس ما الذي أنجزه وما الذي فشل فيه. أما في أنظمتنا، فكل شيء يُدار خلف الكواليس، والمواطن عليه فقط أن يتفرج.
خلاصة: لا نريد فقط “تعديل”، نريد تغييرًا حقيقيًا
ما يحتاجه الشارع اليوم ليس تعديلًا شكليًا، بل تغييرًا حقيقيًا في النهج والسياسات. نريد وزراء يحملون كفاءة لا انتماء، ويقدمون خططًا لا وعودًا، ويعملون للمصلحة العامة لا لمصالحهم الخاصة.
حتى يتحقق ذلك، ستبقى كل التعديلات مجرد تكرار للمشهد ذاته:
“تيتي تيتي مثل ما رحتي اجيتي.
ومن اجل صديق لي اصبح وزيرا في هذا التعديل خففت من حدة انتقادي قليلا








