شيطنة حماس… بين التضليل الإعلامي والحقيقة الغائبة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 

بقلم : عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي

بينما ينشغل بعض الكُتّاب والساسة في شيطنة حركة حماس، يتجاهلون الشيطان الأكبر الذي يمارس جرائمه بلا توقف: إسرائيل. هذه الدولة المصطنعة لم تترك نوعًا من الانتهاكات إلا وارتكبته؛ من سفك الدماء والقتل العشوائي، إلى الحصار والتهجير وهدم المنازل فوق ساكنيها، وصولًا إلى استهداف النساء والأطفال في مشهدٍ متكرر يفتقد إلى أبسط معايير الإنسانية والعدالة.

المفارقة الصادمة أن الضحية تُحاكم في الإعلام الدولي، بينما يُبرّأ الجلاد. فحماس، التي وُلدت من رحم شعب محاصر تحت الاحتلال، تُصوَّر في وسائل الإعلام الغربية وبعض المنابر العربية على أنها تهديد “للاستقرار”، بينما تُقدَّم إسرائيل – الدولة النووية المدعومة من واشنطن – في صورة الضحية الضعيفة! هذا قلبٌ للحقائق لا يستقيم مع أي منطق أو ميزان عادل.

المقاومة الفلسطينية ليست خيارًا طارئًا أو ترفًا سياسيًا، بل حق مشروع تكفله المواثيق الدولية والشرائع السماوية. 
الدفاع عن الأرض والعرض واجب على كل شعب واقع تحت الاحتلال، وحماس – ومعها فصائل المقاومة كافة – تمثل تعبيرًا عن إرادة الصمود لا عن نزعة عدوانية.

والسؤال هنا: ما البديل الذي يريده المنتقدون؟ هل يُطلب من الفلسطيني أن يرفع راية الاستسلام ويصمت أمام قاتله؟

إنّ حملات شيطنة حماس تهدف في جوهرها إلى تبرئة الاحتلال من جرائمه المتواصلة، وكسر إرادة المقاومة في وعي الفلسطيني والعربي، وتحويل الصراع من معركة تحرر وطني إلى نزاع داخلي فلسطيني–فلسطيني.

غير أن الوقائع على الأرض تظل ثابتة: الاحتلال هو أصل المأساة ومصدر النزيف المستمر. 
إسرائيل هي التي قوّضت فرص السلام، وأفشلت المفاوضات، ودفعت المنطقة إلى دوامة من الحروب والدماء.

ومن حق الجميع أن يناقش أساليب حماس أو أن ينتقد بعض ممارساتها؛ فهذا نقاش مشروع. لكن الانشغال في جلد المقاومة وحدها، مع التغاضي عن الاحتلال، لا يُعدّ سوى مشاركة في عملية التضليل التي تُعيد رسم صورة الجلاد كضحية.

إن أخطر ما يشهده واقعنا اليوم أن يتحول الدفاع عن الأرض إلى تهمة، والمقاومة إلى جريمة، بينما تُقدَّم إسرائيل – صاحبة السجل الدموي الأطول – كدولة تبحث عن الأمن والسلام. هذا المنطق المقلوب لا يخدم سوى مشروع الاحتلال، ولا يضعف إلا الطرف الأضعف: الشعب الفلسطيني.

لذلك، فإن الحقيقة التي يجب أن تُقال بوضوح هي أن حماس ليست الشيطان كما يُصوَّر، بل وليدة شعب يقاتل من أجل البقاء. أما الشيطان الحقيقي فهو إسرائيل، التي ما زالت تدمّر غزة، تتحدّى المجتمع الدولي، وتوسّع مشروعها الاستيطاني، فيما تُستعمل بعض الأعمال الإعلامية المسمومة لتبرير هذا الواقع. فأي معيار عادل يقبل بهذا الانحراف؟ وأي ميزان يُعفي القاتل ويُدين الضحية؟
أليست إسرائيل طارئه على فلسطين وكيان محتل غاصب  يجب مقاومته بكل الوسائل !

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences