"الدوحة تحت النار... وإسرائيل تكتب فصلاً جديدًا في قاموس العربدة"
فضفضة سياسية
بقلم أحمد الصباغ
بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قادة من حركة حماس في قطر بدا المشهد وكأنه انقلاب في قواعد اللعبة فالكيان الذي اعتاد ممارسة العربدة العسكرية في غزة والضفة نقل معركته إلى الدوحة ليقول علنًا إنه لا يعترف بسيادة أحد ولا يحترم حرمة دولة تستضيف المفاوضات إسرائيل لم تعد تكتفي بالقتل تحت مبررات الأمن القومي بل تريد فرض معادلة جديدة عنوانها اليد الطولى بلا حساب ولا رادع وكأنها تُعلن أن القانون الدولي مجرد ورق وأن الوساطة مجرد ديكور يمكن تمزيقه بصاروخ
حماس من جانبها تجد نفسها أمام اختبار وجودي فالمكان الذي كان يشكل غطاءً سياسيًا لها أصبح فجأة جزءًا من ساحة الصراع الحركة لا تستطيع أن تظهر بمظهر الطرف المكسور لذلك ستسعى أولًا إلى تحويل الضربة إلى مادة خطابية وإعلامية تحشد بها جمهورها وتستدر بها التعاطف الشعبي العربي والإسلامي فالظهور كضحية لقصف غادر في قلب قطر يضعها من جديد في موقع الحركة المستهدفة لأنها متمسكة بخيار المقاومة
لكن مجرد الخطاب لا يكفي والرد المتوقع لن يكون بالضرورة واسع النطاق بقدر ما سيكون رسالة مدروسة عبر عمليات محدودة أو صواريخ رمزية تثبت أن الحركة ما زالت قادرة على إرباك إسرائيل حتى وإن بدا ميزان القوة مختلًا الضربة أيضًا تدفع حماس إلى التشبث أكثر بمحور إيران وحزب الله وإلى البحث عن بدائل للدوحة التي تحولت من منصة تفاوض إلى ساحة مستباحة
النكبة السياسية هنا ليست على حماس وحدها بل على صورة إسرائيل نفسها فهي وإن أرادت أن تثبت قوتها فإنها أظهرت للعالم وجهها الحقيقي كدولة لا تتورع عن استهداف أراضي الغير وكسر حرمة السيادة واغتيال الوساطات في مهدها الدوحة التي كانت نافذة للأمل في التهدئة أصبحت شاهدًا على أن إسرائيل لا تبحث عن سلام بل عن إخضاع كامل ولا تطيق رؤية أي مسار دبلوماسي لا يخضع لشروطها
إنها لحظة فاصلة فالمفاوضات تترنح والوساطة تتصدع والمنطقة تُساق نحو تصعيد جديد والكيان يثبت مرة أخرى أنه يعيش على لغة النار والحديد بينما خصومه حتى وهم تحت الضرب يحاولون أن يحولوا الدم إلى رصيد سياسي ومعنوي في معركة طويلة لم تعد تعرف حدودًا ولا عواصم آمنة.








