من إسلام آباد إلى تل أبيب… سيف أنقرة يقترب
بقلم : عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي
تتحرك تركيا في الآونة الأخيرة بخطى متسارعة تعكس تحولًا استراتيجيًا خطيرًا في موازين القوى بالمنطقة. زيارة وزير الدفاع التركي إلى إسلام آباد ولقاؤه بنظيره الباكستاني لم تكن زيارة بروتوكولية عابرة، بل خطوة تحمل أبعادًا عميقة في مسار التعاون العسكري بين الدولتين. فباكستان، الدولة النووية الإسلامية، تمثل بوابة حقيقية لتركيا نحو امتلاك قوة ردعية غير مسبوقة، ويُرجّح أن تكون هذه الزيارة بداية لتزويد أنقرة بقنبلة نووية باكستانية، أو على الأقل وضعها تحت مظلة ردع نووي يغيّر قواعد اللعبة بالكامل.
الأمر لا يتوقف عند التعاون مع باكستان؛ فتركيا نفسها باتت تمتلك قنابل انشطارية محلية الصنع، تضاهي في قدرتها التدميرية ضعف القنابل النووية التقليدية. هذا التطور يكشف أن أنقرة لم تعد تعتمد فقط على الخارج في تأمين قوتها الاستراتيجية، بل أصبحت قادرة على تصنيع أسلحة متقدمة تمثل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل وأي طرف يفكر في تحديها.
إلى جانب ذلك، فإن الدعم الروسي–الباكستاني يوفّر لتركيا غطاءً سياسيًا وعسكريًا قويًا، يجعلها أكثر جرأة في تحركاتها الإقليمية.
موسكو تنظر إلى أنقرة كلاعب قادر على موازنة النفوذ الأميركي في المنطقة، فيما ترى باكستان في التحالف مع تركيا فرصة لتعزيز محور إسلامي صاعد.
هذا الدعم المزدوج يمنح أنقرة الثقة الكاملة في مواجهة التحديات، بما فيها إسرائيل نفسها.
وليس بعيدًا عن هذا السياق، جاءت تصريحات عدد من القادة الأتراك، وفي مقدمتهم وزير الدفاع ومسؤولون بارزون، الذين أكدوا بوضوح أن استمرار إسرائيل في عدوانها سيضع وجودها ذاته على المحك. بعض هذه التصريحات وصلت إلى حد التلويح بمحو إسرائيل من الخريطة إذا لم تتوقف عن جرائمها، وهو ما يعكس مدى الجدية التي تتعامل بها أنقرة مع الملف الفلسطيني، وما يرافقه من استعداد عسكري واستخباراتي غير مسبوق.
ما يثير الانتباه أن تركيا لا تسعى اليوم إلى تفادي الصدام، بل على العكس تمامًا؛ فهي تتمنى أن تقدم إسرائيل على خطوة عدوانية ضد سيادتها، كقصف القواعد التركية في العراق أو سوريا، لتجد في ذلك المبرر القانوني والأخلاقي والسياسي لشن هجوم واسع ضد تل أبيب. وفي حال وقع هذا السيناريو، فإن أنقرة ستدخل المواجهة وهي تمتلك ترسانة ردع حقيقية، ودعمًا إقليميًا ودوليًا، ما قد يغيّر وجه الشرق الأوسط برمته.
كل هذه المؤشرات تجعل إسرائيل في وضع لا تُحسد عليه؛ فالمعادلة القديمة التي كانت تمنحها تفوقًا عسكريًا مطلقًا بدأت تنهار أمام تصاعد القوة التركية. والآن، مع اقتراب لحظة الحقيقة، تبدو إسرائيل أمام تحدٍ وجودي غير مسبوق: إما أن تنكفئ وتتفادى الصدام، أو تدخل مواجهة قد تزلزل كيانها من الجذور .








