الأحزاب الإسرائيلية: مشروع توسع يهدد العرب والمسلمين

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 

بقلم: عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي

في إطار سلسلة مقالاتنا اليومية التي نسلّط فيها الضوء على الأحزاب الأجنبية المعادية للعرب والمسلمين، ارتأينا أن نبدأ من الكيان الإسرائيلي، بوصفه النموذج الأشد عداءً والأكثر تطرفًا. 
وعلى خلاف بقية الدول، حيث يمكن التمييز بين حزب وآخر، فإن إسرائيل تمثل حالة فريدة، إذ لا يوجد فيها حزب معتدل أو إنساني، فجميع أحزابها – دينية كانت أو علمانية، يمينية أو يسارية – تقوم على عقيدة التوسع والعداء للعرب والمسلمين. لذلك ارتأينا أن نعرضها في مقال واحد شامل، قبل الانتقال في الأيام المقبلة إلى أحزاب أخرى حول العالم.

الأحزاب الإسرائيلية جميعها، دون استثناء، ليست إلا وجوهًا متعددة لمشروع واحد يقوم على الاحتلال والتوسع والسيطرة. 
حزب الليكود، الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، يمثل رأس الهرم السياسي المتطرف في إسرائيل. 
الليكود يروج للضم الكامل للضفة الغربية، ويضاعف المستوطنات ويشدّد الحصار على غزة، ويعتبر أي تنازل عن الأرض خيانة قومية.

نتنياهو نفسه يُعرف بتصريحات علنية ترفض إقامة دولة فلسطينية حقيقية، وتدعم توسع الاستيطان بشكل دائم، ويواصل سياسة القصف والحصار التي تقتل المدنيين الفلسطينيين يوميًا.


حزب العمل الإسرائيلي، وهو حزب يساري مزعوم، لم يكن يومًا إلا واجهة دبلوماسية لمشروع التوسع الاستعماري. قادته على مر التاريخ ساهموا في تهجير الفلسطينيين، وإقامة المستوطنات الأولى، والموافقة على النكبة عام 1948. حتى في مرحلة أوسلو، ظل حزب العمل محافظًا على التفوق العسكري الإسرائيلي، ورفض أي خطوات حقيقية لتطبيق حقوق الفلسطينيين.


حزب شاس، الحزب الديني المتزمت، يقوده اليوم آرئيل أتياس، ويستند إلى تفسيرات دينية توراتية لتبرير السيطرة على الأراضي الفلسطينية، ويعتبر الفلسطينيين “غزاة” أو “أعداء لله” بحسب خطابهم، ويشرعن سياسة الطرد والمصادرة باسم العقيدة.


حزب البيت اليهودي والقوة اليهودية يقودهما قادة متشددون مثل إيتمار بن غفير، الذي يُعرف بدعمه للعنف ضد الفلسطينيين وارتباطه بالمجازر التاريخية كقضية الحرم الإبراهيمي.

هذه الأحزاب تحوّل العقيدة الدينية إلى سياسة دولة، وتعتبر الصراع مع العرب مهمة مقدسة لا تقبل المساومة.

حتى الأحزاب التي يُسمى بعضها “يسارًا ليبراليًا”، مثل ميرتس، تلتزم بالاعتراف بيهودية الدولة، ورفض عودة اللاجئين، وضمان التفوق العسكري الإسرائيلي كشرط لأي تسوية. 
وهي بذلك تختلف فقط في اللغة والأسلوب، أما الجوهر فثابت: عداوة الفلسطينيين والعرب، واستمرار التوسع.

كل هذه الأحزاب، بلا استثناء، تؤمن بما يسمى “إسرائيل الكبرى”، وتسعى إلى فرض هيمنة عسكرية وسياسية تجعل من العالم العربي تابعًا ضعيفًا.

سياساتها تقوم على تفكيك الدول العربية ومنع أي مشروع وحدوي أو نهضوي، لأن بقاء إسرائيل مرهون بضعف محيطها العربي.

المفارقة القاسية أن العالم يفرض على الأحزاب العربية قيودًا صارمة تمنعها من حمل الطابع الديني أو رفع خطاب معادٍ لإسرائيل، بينما تُترك الأحزاب الإسرائيلية مفتوحة لرفع خطاب عنصري صريح ضد العرب والفلسطينيين، وتطبيق سياسات التوسع والقتل والمصادرة بلا مساءلة.

الحقيقة الواضحة أن إسرائيل لم تُنتج حزبًا معتدلًا واحدًا يؤمن بحقوق الفلسطينيين أو العرب. 
كل أحزابها متطرفة، دينية أو علمانية، يمينية أو يسارية، غايتها التوسع على حساب فلسطين أولًا، ثم على حساب الأمن القومي العربي والإسلامي بأسره. ومن يظن أن هناك تيارًا معتدلاً داخل إسرائيل فهو يعيش في وهم كبير، فالدولة كلها مشروع واحد يستند إلى القوة والهيمنة والعنصرية

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences