إسرائيل على حافة الانهيار: العدوان والغطرسة تواجه المقاومة الإقليمية والضغط الدولي

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 

   الكاتب: عوني الرجوب 
– باحث ومحلل سياسي -

في قلب الشرق الأوسط، وعلى أرض فلسطين المحتلة، يواجه الكيان الإسرائيلي اليوم أزمة حقيقية تتجاوز حدود السياسة والميدان العسكري. سنوات طويلة من العدوان، الاحتلال، والغطرسة لم تمنح هذا الكيان شرعية، بل عمقت هشاشته وفضحت فشله في بناء أي قاعدة مستقرة لوجوده. مواجهة الشعب الفلسطيني، المدعوم بإرادة جماعية ومقاومة متجددة، لم تعد مجرد صراع محلي، بل أصبحت معركة إقليمية ودولية تكشف طبيعة إسرائيل الحقيقية ككيان طارئ ومحتل.

فإسرائيل ليست دولة شرعية على فلسطين، بل كيان طارئ ومحتل، نشأ على أرض ليست له، يرتكز وجوده على قوة السلاح والهيمنة العسكرية، وليس على شرعية شعبية أو ارتباط طبيعي بالأرض. هذا الواقع يجعل الدفاع عن كيانها غير طبيعي، ويكشف هشاشتها الداخلية؛ فالمرتكزات الحقيقية للدولة تُبنى على الأرض، الشعب، والهوية، وليس على الاحتلال والمرتزقة الذين يؤمنون مصالحهم الشخصية قصيرة المدى.

منذ نشأتها، اعتمد الكيان الإسرائيلي على القوة العسكرية وغياب أي رادع أخلاقي، ما جعله يسير بخطى العدوان والغطرسة، خصوصًا ضد الشعب الفلسطيني في غزة. المجازر المتكررة، تدمير المنازل، واستهداف المدنيين بشكل مباشر، كشف ليس فقط وحشية هذا الكيان، بل وأيضًا هشاشته على الصعيد السياسي والاجتماعي. الصمود الفلسطيني المستمر وكشف الانتهاكات المستمرة ساهم في فضح السياسات الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي، وفتح باب الضغط السياسي والدبلوماسي عليها بشكل غير مسبوق.

المقاومة الفلسطينية في غزة لم تعد مجرد رد فعل على العدوان، بل أصبحت محورًا إستراتيجيًا قادرًا على إعادة رسم معادلة القوة في المنطقة. الصواريخ الدقيقة، الدفاعات المتقدمة، والعمليات النوعية التي تنفذها الفصائل المختلفة، تثبت أن إرادة الشعب الفلسطيني لا يمكن كسرها. التخطيط الاستراتيجي، التكتيكات الميدانية، واستراتيجية الردع المتدرجة تجعل من غزة قوة لا يمكن تجاهلها، وتفرض على إسرائيل حسابات معقدة قبل أي خطوة هجومية.

دور المقاومة الفلسطينية لا يمكن فهمه بمعزل عن التكتل الإقليمي الداعم لها. لبنان، عبر حزب الله، يمتلك خط دفاع وهجوم متكامل، وصواريخ دقيقة تعكس القدرة على الردع وموازنة القوة. اليمن، من خلال القوات الحوثية، فرض معادلات ردع استراتيجية على جنوب الجزيرة العربية، بينما العراق وسوريا يقدمان دعمًا ميدانيًا ولوجستيًا لفصائل المقاومة الفلسطينية والإقليمية، ما يعقد أي عمليات إسرائيلية ويجعلها محفوفة بالعواقب الاستراتيجية على المدى البعيد. هذا التكتل الإقليمي ليس مجرد دعم رمزي، بل عامل أساسي يعيد رسم موازين القوة في المنطقة.

على الصعيد الدولي، لم يعد المجتمع الدولي غافلًا عن طبيعة إسرائيل العدوانية. معظم الدول باتت تدرك أن إسرائيل تمارس إرهاب الدولة ضد المدنيين في غزة وفلسطين، وأن سياساتها قائمة على الإبادة والمجازر المنظمة. هذا الوعي الدولي خلق عزلة سياسية ودبلوماسية متنامية، قلصت قدرة إسرائيل على المناورة، وجعل أي تحرك سياسي أو توسعي مكلفًا جدًا. محاولات الالتفاف على القانون الدولي أو التغطية على الجرائم عبر تحالفات محدودة لم تعد فعالة، والضغط الدولي المستمر يضعف البنية الداخلية للكيان ويزيد من هشاشة نظامه السياسي والعسكري.

إسرائيل، ككيان محتَل وطارئ، تواجه تحديًا مزدوجًا: داخليًا حيث لا وجود لدفاع طبيعي عن الأرض، وخارجيًا حيث المقاومة الفلسطينية المدعومة إقليميًا والدعم الدولي المتنامي للشعب الفلسطيني يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستمراريتها. استمرارها يعتمد على القوة العسكرية والسياسات القسرية، وليس على ارتباط طبيعي بالأرض أو شرعية شعبية، وهذا يجعلها دائمًا عرضة للتفكك والانهيار.

معادلة سقوط إسرائيل واضحة: إرادة الشعوب، قوة المقاومة الفلسطينية، الدعم الإقليمي المتكامل، والضغط الدولي، جميعها عوامل تكوّن قوة هائلة يمكن أن تؤدي إلى انهيار الكيان المحتل. غطرسة إسرائيل وعنجهيتها، المجازر في غزة، والوجود غير الشرعي للمستوطنين والمرتزقة على أرض ليست لهم، تجعل استمرارها مستحيلاً إذا استمر الصمود والمقاومة بهذه القوة المتكاملة.

اليوم، إسرائيل تقف على مفترق طرق حاسم: إما الاعتراف بالواقع والتراجع عن سياسات العدوان، أو مواجهة الانهيار الحتمي. العدالة ستتحقق عاجلًا أم آجلًا، والقوة ستؤول إلى من يستحقها. التوازن العسكري والسياسي والدبلوماسي الحالي يشير بوضوح إلى أن نهاية إسرائيل على هذه الأرض أصبحت مسألة وقت، وأن استمرارها كما عرفناه أصبح مستحيلًا.

هذه اللحظة التاريخية تفرض على كل القوى الفاعلة في المنطقة إعادة ترتيب حساباتها، فالمستقبل لن يكون للكيان المحتل، بل لأولئك الذين يملكون القدرة على الصمود والمقاومة وتقديم نموذج حقيقي للتحرر والدفاع عن الأرض. في ضوء هذه المعادلة، تصبح المقاومة الفلسطينية والإقليمية القوة الحاسمة، والمجتمع الدولي ملزمًا بالاعتراف بالحقائق على الأرض، وإلا فإن زوال إسرائيل أصبح مسألة وقت لا محالة

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences