الرجوب : يكتب - رسالة رجلٍ لا يبدّله الزمان
: عوني الرجوب :
باحث وكاتب سياسي
….. هذه رسالةٌ لمن لا يعرفني،
فمن يعرفني لا يحتاجها، لأنه يؤمن بكل كلمةٍ وردت فيها، ويشهد بها قبل أن تُقال.
أنا انسان صادق، ثابت، لا اتلون
ولا أتغيّر، ولا تتبدّل صفاتي، ولا مواقفي.
شرفُ الوعد والعهد عندي رباطٌ متين لا ينكسر،
وكلماتي موزونة، أتحمّل مسؤوليتها مهما بلغت أبعادها،
لا أساوم على الحق، ولا أتهاون مع وعدٍ قطعه لساني،
وإن كلّفني هذا الثبات الكثير.
قدماي راسختان على أرض المبدأ لا تزلّان لحظة،
وإن خرجت منّي كلمة قد تسيء، لا سمح الله،
فإني أعترف بالخطأ إن وقع، بصدقٍ ووضوح،
وأعتذر دون أي تبريرٍ أو التفافٍ أو تلاعبٍ بالكلمات،
فلن أقول يومًا: «خرجت الكلمة عن غير قصد»،
فمن صدق مع نفسه لا يبحث عن الأعذار،
بل يتحمّل مسؤوليته كاملة،
ويواجه خطأه بعزمٍ وهدوءٍ ووقار،
ويعتذر من قلبٍ نقيّ دون تنصّلٍ أو مواربة.
وحتى وإن قطعت وعدًا ولم يُحافظ الطرف الآخر عليه،
أو لم يُقدّر معناه، فلن أتنازل عن وعدي،
سألتزم به وإن كنتُ وحدي من يتحمّل الضرر،
فليس عيبًا أن أنهي ما بيننا إذا خابت الثقة أو تبدّلت النوايا أو خاب ظني بهم،
لكن شرفي لا يسمح لي أن أتخلّى عمّا قطعته على نفسي،
ولو لم يعد ذلك ملزمًا،
إلا أني، رغم كل ذلك، سأوفي بالوعد والعهد الذي قطعته على نفسي.
وعلى مدى سيرتي الحزبيّة والسياسيّة،
كنتُ وما زلت دبلوماسيًّا في الطرح، حازمًا في الموقف، لم أُمرّر ما لا أقتنع به، ولم أرضخ لضغوطٍ أو مغريات،
ولم تُغرني الكلمات الجذّابة من مدحٍ أو تملّق،
فأنا ثابتٌ على حبّ الوطن بكلّ ما فيه من مكوّنات،
ملتزمٌ بالمبادئ التي أؤمن بها إيمانًا لا يتزعزع،
لم أتسلّق على ظهر أحد، ولم أسعَ للتزلّف أو التقرب نفاقًا،
لأن في ذلك رخصًا وخسّةً أرفضها بكل ما أملك من كرامةٍ ومروءة.
وبعد أن تعلّمتُ وعملتُ في ميادين السياسة والعمل الحزبي والتطوّعي والاجتماعي
ما يقارب نصف قرن،
لم أجد نفسي يومًا أكثر من تلميذٍ ما زال يطلب العلم والمعرفة،
يتعلّم من كل تجربة، ويستزيد من كل موقف،
لأن العلم لا نهاية له، والخبرة لا تُختزل في عمرٍ واحد.
هذا هو دأبي، وهذا هو موقفي في الحياة:
قدوتي رسول الله ﷺ في صدقه وثباته وقوله وفعله،
وصبري صبر أيّوب على الشدائد،
وعبقريّتي عبقرية الصدّيق في الثبات على الحقّ والوفاء بالعهد.
منهم أستلهم قوتي، وبنهجهم أسير في كلّ موقفٍ وأيّ طريق.
فلمن يقرأ هذه الكلمات:
اعلم أن الصدق ليس حديثًا يُقال،
بل عملٌ يُمارس، ووفاءٌ يُحفظ، وأمانةٌ تُصان،
وسلوكٌ يصدّق القول بالفعل.
وهذه هي صورتي كما أنا:
وفاءٌ وصدق، صبرٌ ومبدأ، وثباتٌ على العهد حتى النهاية.
لن تغيّرني المناصب مهما علت،
ولا المال مهما كثر،
ولا الجاه والسلطان يبدّلني أو يغيّر مواقفي.
ثابتٌ على الحقّ والمبدأ،
لا أطمح لمنصبٍ، ولا أسعى وراء موقع،
يكفيني أن أبقى كما أنا: صادقًا، أمينًا، مستور الحال،
راضيًا بما قسم الله لي،
قنوعًا برزقي، مطمئنًّا بدوام الصحّة والعافية،
سعيدًا بما أنا عليه،
راجياً من الله دوام الحال، ورضاه، وطول العمر في الخير والستر والعافية.
وما هذه الكلمات إلا تعبيرٌ صادق عن مبدأٍ أعيش عليه، لا فخرًا ولا ترفّعًا، بل توثيقًا لشخصيةٍ اختبرها الزمان، وثبتت على الحق كما هي .








