قراءة| في الدور الدستوري والسياسي لخطاب العرش: ومسؤولية الحكومة عن ملء الفراغ بين القول والفعل
*بقلم المهندس خالد بدوان السماعنة
لقد اتفقنا في مقالي السابق على أن خطاب عميد آل هاشم في افتتاح دورة مجلس الأمة ليس هو بياناً وزاريا، ولا خطة تنفيذية؛ لكنه في الوقت نفسه لن يكون مجرد إعلان نوايا (!!).
فالحكومة ومجلس الأمة مسؤولون تمام المسؤولية عن ملء الفراغ وفق هذا الخطاب الملكي السامي، والبيان السيادي التوجيهي - الذي يشكل المرجعية السياسية والأخلاقية - ليستلهم منها الطرفان ( حكومة ومجلس ) القوانين والبرامج.
فبعد أن دعا جلالته إلى التحديث السياسي والاقتصادي لم ولن يغفل أهم ركائز النهضة: التعليم والصحة.
فلا نهضة بل معلم، ولا معلم بلا كرامة، ولا تعليم بلا منهج يصنع المستقبل للجيل القادم.
والسؤال هنا: ما الذي أراده جلالة الملك من دعوته إلى تطوير العملية التعليمية؟.
هل أراد أبو الحسين - حفظه الله - أن نزرع النسخة المكررة في عقل كل طالب من طلبتنا ؟ أم أن نزرع عقلا نقديا يقوم على التفكير العميق والموضوعي؟!.
وكيف ستقوم الحكومة بتنفيذ هذا التوجيه الملكي ممثلة بالوزارات المعنية فيها؟.
هل سترتقي مقاييس الأداء لدينا لنقيس النجاح بكمية إتقان التفكير والبحث في عقول أبنائنا ؟! وعدم الاكتفاء بعدد المدارس كمقياس للنجاح؟!.
ليأتي دور مجلس البرلمان مرتكزا في رقابته على متابعة مخرجات التعليم، وعدد الخريجين الذين تحصلوا على عمل!. وكم بقي منهم واقفاً في طابور الانتظار!.
بمعنى أدق فإن المقياس هنا ليس هو عدد الناجحين ولا نسب الرسوب، بل مقدار التوافق ونسبته بين سوق العمل ومخرجات التعليم.
إن جلالة الملك - وفقه الله - كما لم يغفل ركيزة النهضة الأولى فلم يهمل الركيزة الثانية والتي هي الصحة !.
والسؤال: متى سنخرج من الصندوق لنعمل على بناء الإنسان بدل الاكتفاء بعلاج المرضى؟.
ما الذي يريده جلالته بكلماته الغاليات حين تحدث عن تطوير الخدمة الصحية ؟!
هل كان يعني زيادة أعداد المستشفيات الفخمة مع غياب عدالة في الوصول إلى الخدمات الصحية وجودتها ؟! حاشاه وكلا ؟!
هل قرأنا في كلمات جلالته ولمسنا تأكيدا منه على أن الصحة ليست رفاهية، بل قضية مقدسة؟.
قطعا،، وحتى يتم ذلك فعلى الحكومة ممثلة بوزارة الصحة أن تعتني بتوزيع الكوادر بكل عدالة بعيدا عن المحسوبيات في التعيين والتنقل.
وهذا دور بالغ الأهمية لضمان تحقيق رؤية جلالته. ناهيك عن الاعتناء بالكوادر الطبية وتأمين احتياجاتها المادية والمعنوية وتأهيلها لتقديم الخدمة المرجوة منها بما يضمن خدمة صحية ذات جودة عالية توفر الكرامة للمواطن.
وأما المجلس فعليه أن يكرر السؤال تلو السؤال عن حاجات المريض المعنوية والمادية التي من ضمنها عدم انتظاره طويلا في دور مرهق وأن يجد خدمة لا تهدر بمقابلها كرامته.
والمقياس هنا هو في عدم وقوف المواطن في طابور ألم، فاختزال وقت المعالجة إلى أقل وقت ممكن، وشموله بغطاء تأميني يدل على نهضة حقيقية غير مدعاة في القطاع الصحي الأردني بمختلف مرجعياته.
وليس المقياس في عدد الأجهزة الطبية التي يتم توفيرها في مختلف المنشآت الصحية.
وأخيرا وليس آخرا - فالحديث له بقية - على الحكومة الموقرة أن تفهم أن خطاب جلالته لا يقاس بكم نُفذ منه؟. وإنما بالدرجة التي جعلته الحكومة لها مرجعا سياسياً في الخطة السنوية الموضوعة من قبلها.
وبقياس المدى الذي جعلته الحكومة مرجعا لها في برامجها؟.
وهل سيقوم مجلس البرلمان بممارسة الرقابة المناطة به استناداً إلى هذه الأولويات؟!.
نقولها بكل مصداقية وشفافية: من غير المقبول حدوث خلاف ذلك ! فمن غير المقبول بتاتاً أن تصبح خطابات جلالته التي تمثل الخارطة الوطنية الشاملة مجرد إعلان نوايا في إطار بلاغي دون الترجمة المؤسسية المرجوة.
والمواطن يراقب وينتظر أن يرى رجال الدولة يحملون كلمات جلالته على أعناقهم ملتزمين بها، وهو الذي شدد على أن هذا الوطن « نما واشتدّ عوده بفضل إيمان الأردنيين والأردنيات الصادق بربّهم، ووطنهم، ووحدتهم».
وقطعا إن للحديث تتمة.
ودمت يا أردن بخير.








