لماذا يمتنع الاردن عن المشاركة ؟!

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 

اعلن الاردن رسميا انه لن يشارك في القوة الدولية المقترحة لحفظ "الاستقرار" في غزة. وبذلك يأخذ الاردن مسافة اضافية عن مسار " اليوم التالي " للحرب بعد ان غاب توقيعه عن وثيقة الدول الضامنة للاتفاق وهي مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة.

ظهرت انتقادات محلية لهذا الغياب من منطلق الغيرة على دور الاردن كطرف اساسي هو الأقرب لفلسطين، الطرف الذي قاد على مدار عامين جهودا مريرة لحشد العالم ضد الحرب ومن اجل وقف العدوان. لكن لنتذكر ان الاردن بينما كان يقوم بهذا الجهد الاستثنائي بقيادة جلالة الملك عبر شتى المنابر رفض بعبارات صريجة وعلى لسان وزير الخارجية ربط وقف العدوان باتفاق على اليوم التالي أي رفض منطق التفاوض تحت النار والابتزاز الاجرامي للتسليم لاسرائيل بما تريد من وقف الحرب.

جاءت خطة ترامب تسوية تعتمد الوضوح في البند الأول لصالح اولوية كل طرف والغموض والمواربة في الباقي البند الأول هو وقف الحرب واعادة جميع الرهائن فورا والباقي مليء بالمساحات الغامضة وبالعناوين دون تفاصيل مثل جدول وحدود الانسحابات لقوات الاحتلال ونزع سلاح حماس وقوة السلام ( لاحظ تم تثبيت اسمها قوة الاستقرار) ودور السلطة الوطنية الفلسطينية وصلاحيات مجلس الحكم الدولي واخيرا مصير غزة بعد المرحلة الانتقالية؟!

الاردن رحب بخطة ترامب لوقف الحرب لأن الشيء الملح كان وقف المذبحة المروعة لكن كان لديه كثيرا من الأسئلة حول ما بعد وقف النار وذهب الى شرم الشيخ حيث يفترض ان يتم التدقيق على التفاصيل والحصول على توضيحات لكن كما رأينا لم يتوضح شيء ولم يكن الاردن مرتاحا لهذا الغموض وتنحية أي شيء له علاقة بالمستقبل السياسي لغزة والفلسطينيين فلا افق استراتيجيا للخطة ولا وضوح لمراحل التنفيذ مما يترك لإسرائيل هامشا للمناورة والتخريب والتعطيل وربما العودة للحرب.

نعتقد ان الموقف الاردني تم بلورته بمنتهى الحرص والانتباه والمسؤولية الوطنية. الاردن لن يذهب الى فخ منصوب ولن يكون جزءا من مسار قد يكون تصفويا ويشتم رائحته في غموض وغرابة الترتيبات. الاردن لن يقبل ان يكون في قوات مهمتها نزع سلاح حماس بالقوة أو قمع الحركة السياسية الفلسطينية وتطلعاتها للحرية والاستقلال. ولذلك اكتفى بإرسال مندوب الى المركز الذي أنشأته الولايات المتحدة قرب الحدود لغاية تنسيق وتمكين المساعدات الانسانية الاردنية لغزة فقط. وسينأى بنفسه عن اي مسار " انتدابي" يفصل القطاع عن الجسد الأم وعن السلطة الفلسطينية ويحيله الى " منطقة اقتصادية خاصّة " أوعقار للإستثمار بلا صفة وطنية للأرض ولا حقوق سياسية للسكان.

ليس بالضرورة ان تكون طريق هذا المسار سالكة. لكن ما تشي به المقدمات يثير اشدّ القلق للاردن لأنه يعني حرفيا ترك الضفة الغربية منفردة فريسة للاحتلال ووضع الاردن مباشرة امام مشروع الوطن البديل. واختار جلالة الملك ان يعبر عن الموقف بقوله انا قلق لكن لا اخاف. قلق ان المسار على جبهة غزة سيتنكر للحل العادل فيديم النزاع والمعاناة وعدم الاستقرار. ولا يخاف من الحل التصفوي على حساب فلسطين و الاردن بل يتحداه بإرادة وعزيمة الشعبين وايضا بموقف العالم الذي بات اليوم واكثر من اي وقت مضى حقيقة ان الشعب الفلسطيني هو الضحية وكان كذلك على مدار سبعين عاما وله الحق في الحرية والاستقلال ويعرف حقيقة ان اسرائيل هي المحتل والجلاد والقاتل والسارق والكذاب. وان رئيس حكومتها مطلوب كمجرم حرب ولا يمكن التعامل معه كزعيم دولة ولذلك لاحظنا جلالة الملك يعطي تقييما صريحا وغير مسبوق يسقط الرجل من حسابات المستقبل اذ قال عن نتنياهو بالاسم انه ليس اهلا للثقة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences