انكسارات على حبات المسبحة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

حنان باشا تكتب :

قراءة حسية عن مجموعة

 “انكسارات على حبات المسبحة ”

للقاصة ناريمان أبو اسماعيل 

 

في مجموعتها القصصية " انكسارات على حبات المسبحة " للكاتبة ناريمان أبو اسماعيل .

والتي ضمت ٢٥ قصة . ما بين قصة قصيرة وقصص قصيرة جدا . 

تجدُ نَفَسَ امرأة تستغيث بصمت ، امرأة بحس مرهف .

بلغة سلسة واضحة ، غير متوغلة باللغة الشعرية ، لا تكلف النص فوق احتماله .

كتبت القاصة ناريمان  بروية ، ورصدت بعض المواقف وأشرعت النوافذ . وسمحت للقارىء ان يلحق بها ولا يتوقف حتى نهاية آخر قصة في الكتاب .

في قصة "إنها السادسة " قدمت لنا أنموذجاً معروفاً في المجتمع لثنائي أحدهما لا يتوقف عن العطاء في حين لا يكتفي الطرف الآخر .

زوحة تم حصارها لسنوات طوال حتى ضاقت أنفاسها وهي تلبي النداء لرفاهية زوج مدلل مزعج محتكر غير ممتن . حتى تكاد تفقد صبرها وتتوق لاستلال روحه في حاجة ملحة للخلاص 

لكنها في اللحظة الحاسمة تعود للانتماء اليه وتجدد عقود الخدمة مع عبارة ( اصح حبيبي انها السادسة)!

وهنا نرى أن الامر كله مرهون بتوقيت الساعة.

تعود " ناريمان" لشدنا في قصة الفستان الأحمر ، وهنا راق لي كثيرا تلك الأنسنة التي رمتها عليه ، كيف جعلته ينطق، يحزن ، يبكي ويكره ما آل اليه ورغبته بالهرب وكأن الفستان شخص له ماض جميل وحاضر تعيس وعنده ذكريات ولديه رغبات وفي لحظة يأسه وضياعه قرر الفرار الى المقبرة .

ثم تعود الكاتبة في قصة " جميعهن سلمى " بوضع يدها على جرحٍ وهمٍ كبير فاجأها أنه أكبر مما كانت تعتقد وأن بعض الحلول غير ناجعة .

يبدو هنا جلياً بصمة المعلمة وعظمة هذه المهنة التي تمتهنها الأستاذة ناريمان فلا بد وأن تجد دائماً ما يربط الكاتب بنصوصه .

امتازت المجموعة بعناوين قصار جداً مثلاً :

"عمارة"، "موت"، "غرق" ، "قرار"، "رقص"  باستثناء العنوان الرئيسي للمجموعة " انكسارات على حبات المسبحة " و قصة " الإشارة الضوئية الخضراء" و " مازال  يعنيه المطر " .

وهي كأنها تكتفي بكلمة واحدة تدخلك الى النص سريعاً

تقدمها دون تعقيد أو تقعر او إسهاب في الصور .

فتأخذها سهلة ولا تقوم من مكانك قبل إنهاء المجموعة كاملة . وقد تترك في نفسك أثراً ..

مثل قصة " عمارة" رصدت الكاتبة مجموعة من الصور كأنها قصص قصيرة جداً أدرجتها في قصة واحدة 

عمارة ضمت مجموعة من الناس بأحوال مختلفة يعيشون في الطوابق وكلٌ منهم له شأن .

والقفلة تؤكد أمراً كنت استغربت النهاية ولكن هل يوجد منطق في هذه الحياة بعض الأمور تبدو في غاية الاجحاف والتفاهة والكثير من الظلم والغرابة .

يتكرر عنوان آخر في المجموعة " عمارة الأحلام" 

وهي تطرح هنا ايضاً مجموعة من الصور لأناس يتشاركون المبنى ولكل طابق حلم مغاير ولكنهم يحظون بنهاية واحدة .

ثمة رابط جمع بين عناوين القصص والعنوان الرئيسي 

وكأنه أم يتبعها صغارها . 

انكسارات على حبات المسبحة بدأت بأكبر الخسائر ، ثم تلتها قصة خذلان ، موت ، قرار ، تمرد ، رقص، والكاتب الكبير ..

هنا نجد خيطاً يلم هذه القصص وكأنها حبات خرز تجمعت وشكلت المسبحة .

مشاعر الخذلان الانكسار ، إنفطار القلب والرغبة بالفرار 

لناريمان قلم أحب العودة إليه ثانية ، فهي قادرة على قنص المشاهد  وطرح موضوعات عدة .

واعطاء الفرصة لصوت الرجل أن يعبر ويكون الراوي 

كما أعلت صوت المرأة في قصصها .

مع أمنياتي لها بالمزيد من الابداع والألق .

الكاتبة الأردنية : حنان باشا 

عضو رابطة الكتاب الأردنيين

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences