مؤيدون لفلسطين يقتحمون مقر القناة الثانية الألمانية في برلين ..
في مشهدٍ أقرب إلى أفلام الدراما السياسية، تحوّل يوم هادئ في العاصمة الألمانية إلى لحظةٍ صاخبة، عندما اقتحم ناشطون مؤيدون لفلسطين مبنى القناة الثانية الألمانية (ZDF) في قلب برلين، مردّدين هتافات غاضبة ضد الحرب في غزة، ومتهمين الإعلام الألماني بـ”الانحياز لإسرائيل”.
وشهد مقر القناة الواقع في شارع “أونتر دن ليندن”، على مقربة من الدوائر الحكومية، حالةً من الارتباك حين دخل 12 ناشطاً وناشطة إلى الردهة الزجاجية المعروفة باسم “الأتريوم”، مطلقين هتافات مدوّية مثل: “فلسطين حرة” و”توقفوا عن دعم الاحتلال”، محوّلين المكان إلى ما يشبه منبراً مفتوحاً للاحتجاج.
وبحسب الشرطة، فإن أحد المتظاهرين صرّح بوضوح: “نحن هنا لنعطّل… لا لنتحاور!”، رافضاً دعوات الحوار التي قدّمها ممثل عن القناة. واستمر الموقف أكثر من ساعة حاولت خلالها إدارة القناة تهدئة المحتجين دون جدوى، إلى أن تدخلت الشرطة وأخرجتهم من المبنى، مطبّقةً ما وُصف بـ”حق الملكية الإعلامية”، وفق ما نشرت مجلة “شبيغل” الألمانية.
وعلى الرصيف المقابل، تحوّل التجمع إلى مظاهرة عامة وسط حضور لافت من المارة والسياح والموظفين الحكوميين. وأعلنت الشرطة أنها فتحت تحقيقاً مع 13 شخصاً، بينهم 12 ناشطاً يواجهون اتهامات بخرق قانون التجمّعات والدخول غير المشروع إلى مؤسسة عامة.
وقالت المتحدثة باسم القناة لوكالة الأنباء الألمانية: “كانت هناك فرصة للحوار، لكن الغضب كان أقوى”.
ويأتي هذا الحادث في وقتٍ تتكثّف فيه الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في برلين وعدة مدن ألمانية، وسط انقسامٍ حاد في الرأي العام حول الحرب على غزة. فبينما ترى فئات واسعة أن الإعلام الألماني يتجاهل معاناة المدنيين الفلسطينيين، يدافع صحافيون ألمان عن سياسات التحرير باعتبارها “محايدة وملتزمة بالمعايير المهنية”.
ويرى مراقبون أن ما جرى في ZDF يتجاوز حادثة اقتحامٍ عابرة، إذ يعكس تحوّل الشارع الألماني إلى ساحة صراعٍ رمزي بين السرديتين الفلسطينية والإسرائيلية، ويفتح الباب أمام تساؤلاتٍ صعبة حول حرية التعبير وموقعها إزاء الحرب على غزة. كما يطرح أسئلة محرجة على الإعلام والسياسة في بلدٍ يُفاخر بحرية الرأي لكنه يضيّق على من ينتقد إسرائيل.
الشرطة التي استدعيت إلى المكان تواصل التحقيق مع 12 شخصاً بتهم تتعلق بخرق قانون التجمّعات وانتهاك حرمة المباني العامة، بينما أُوقِف شخص ثالث عشر انضمّ لاحقاً إلى الاعتصام خارج المبنى.
وبينما تعتبر إدارة القناة الحادثة “إخلالاً بالنظام”، يراها ناشطون صرخة احتجاج رمزية ضد ما يصفونه بـ”تواطؤ الإعلام الألماني مع الرواية الإسرائيلية” وتجاهله لمعاناة المدنيين الفلسطينيين. وتأتي هذه الواقعة في وقتٍ تتزايد فيه الانتقادات لوسائل الإعلام الألمانية بشأن تغطيتها للأحداث في غزة، حيث يُتهم بعضها بطمس الجرائم الإسرائيلية والتضييق على الأصوات المتضامنة مع فلسطين.








